خالد الشريف

من فتنة قلادة.. إلى الذين فى قلوبهم مرض

الأربعاء، 24 سبتمبر 2008 09:06 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تتزاحم الأحداث، وتتكاثر الوقائع، ويصاب المرء بالحيرة، لا يدرى فى أيها يكتب، وعن أيها يتحدث؟! فمن كارثة الدويقة، إلى اختطاف السياح قرب الحدود المصرية السودانية، إلى غير ذلك مما يمزق نياط القلوب على ما يجرى فى هذا الوطن الذى أثخنته الجراح، وتكالبت عليه الأحزان..!

ويبدو أن هذا الوضع لم يكفِ بعض النفوس الممتلئة، بما هى ممتلئة به!! فأطلوا برؤوسهم ليشعلوا الفتن، ويحاولوا إغراق البلاد بالمشكلات، وهو لا تنقصه المشكلات، بل ينقصه اليد التى تبنى، والفكرة التى تقود إلى التنمية.. وهناك صنف آخر، من أبناء جلدتنا كنا نحسبهم فى صف البناة، وإذا هم ينفثون السموم، ويتطاولون على القامات العالية، دون مراعاة آداب الحوار .

من جديد، ومرة أخرى، ها هو مدحت قلادة، القبطى المقيم فى ألمانيا والذى يُرِيدُ أن يشعلها نارًا تحرق الأخضر واليابس.. ويأتى ليكتب (بالعقل)!! وللأسف لم أرَ عنده فى المقال عقلا يُذْكَرُ! فهو يهرف بما لا يعرف.. ويتكلم عن خيالات مريضة، تُصَوِّرُ له أن الأقباط محل اضطهاد، وأن الناس فى مصر يتقاتلون!! بينما الواقع يقضى بأن المجتمع المصرى مجتمع متعايش، متداخل، متراكب، ولا يُعَكِّرُ صفوه سوى بعض المتطرفين، من أمثال قلادة! سواء أكانوا مسيحيين أم مسلمين..

نعم، إن الحق يقضى بأن هناك متطرفين من المسلمين ينشرون الفتنة، وهناك حوادث طائفية، لكنها قديمةٌ عفا عليها الزمن، وقد استنار الناس، وتعلموا دينهم، وفقهوا ما رُوِى عن النبى صلى الله عليه وسلم: "من آذى ذميا فأنا خصمه، ومن كنت خصمه خصمته يوم القيامة".

ونحن لا نريد أن نفتح جراح الطائفية، فإذا كان البعض حمل سلاحًا لقتل قبطى، فإنّ هناك من خزن السلاح للقتل والسفك فى الأديرة، وبعض الكنائس كانت تعلم الأطفال والشباب الكونغوفو والكاراتيه، وتشحنهم ضد المسلمين، كما حدث فى أحداث الكشح ومن قبلها الزاوية الحمراء وغيرها.

والخلاصة أن المتطرفين من كلا الجانبين، بينما يقف عقلاء الأمة ليئدوا الفتنة، ويعالجوا الأمور. وقلادة يستنكر اتهام بعض أقباط المهجر بالخيانة، فنقول له: إن الذين ينفخون فى النار، ويستقوون بالغرب ضد بلادهم، من أجل الدولارات الخضراء، هم الذين يضعون أنفسهم فى سلة الخيانة بأيديهم .

ينسى قلادة ما قلناه له من قبل أن المجتمع المصرى مجتمع سلام، متفرد بذاته عن أى مجتمع آخر، فى تلاحمه، وبساطة أهله وتوادهم.. فالأقباط فى مصر ليسوا فى حاجة لكنائس جديدة، والمسلمون ليسوا فى حاجة لمساجد جديدة، بل إنهم " مسلمين ونصارى "فى حاجة عاجلةٍ إلى العدل والحرية، والإصلاح الديمقراطى، والاقتصادى..وهنا فقط ستزال كثير من مشاكلنا جميعا، مسلمين ومسيحيين..

يا أستاذ قلادة لو تتبعت مقالك لكتبت الكثير، ولكن يكفيك هذا، إن كنت تكتفى بشىء!!..وأقول لك، وأكرر: تعال إلى حضن وطنك، ودعك من دولارات الغرب وأمريكا، تعالَ لنبنى هذا الوطن، ودحض الفتنة والشقاق، ونزرع الأمل والسلام فى جنبات الوطن.. تعالَ "وكفاية فتن"!

ومن قلادة إلى الذين فى قلوبهم مرض، والذين لا يعجبهم العجب، ولا الصيام فى رجب (ولا رمضان حتى!!) فلا هم لهم إلا انتقاد كل ما هو إسلامى، من شيخ الأزهر، إلى مفتى الجمهورية، إلى الأعمال الخيرية، حتى وصلنا إلى حالة من سوء الأدب، صارت واضحة لا خفاء فيها فى الحديث عن العلماء، ورثة الأنبياء، وهم أكثر الناس خشيةً لله.. ومع ذلك راح أحد الكتاب الإسلاميين الكبار-!!- يتطاول على الشيخ يوسف القرضاوى، وينقص من قدره، ويُقَرِّعُه ويزجره(!!) لأنه هاجم الشيعة والمد الشيعى.. فهل هذا أسلوب يليق بكاتب ينحاز إلى صف الكتاب الإسلاميين!!

لقد كنا ننعى على غير الإسلاميين تطاولهم، وها نحن صرنا إلى الإسلاميين أنفسهم نطالبهم بالأدب، والتزام الحد،ـ وعدم التطاول على أهل العلم.. فليس معنى وصفى بأنى (كاتب إسلامى) أن هذا صار (نقطة ضوء أخضر) لأكتب فى كل شىء، وأرد على كل أحد، بما فيهم العلماء.. الذين لولاهم لما استطاع كثيرون ممن يزعمون أنهم كُتَّابٌ إسلاميون فَهْمَ شىء!!

وليس معنى أن العالم ليس بمعصومٍ أن نخترق الحواجز بيننا وبينه، ونقفز على الأسوار أثناء الحديث معه. وقديما قالوا: اجعل عِلْمَكَ مِلْحًا، وأَدَبَك دقيقًا..فالملح يكفى منه القليل، والأدب ينبغى أن يكون وافرا. أيها السادة! نتمنى ونحن نُوَدِّعُ رمضان فى العشر الأواخر من رمضان أن يُعْتِقَ الله رِقَابَنَا من النار، وأن يهدينا إلى الحق، ويحفظ بلادنا من كل سوء، وسَيِّئ، ويَرُدَّنا إلى دِينِهِ ردًّا جميلا وكل عام وأنتم بخير !








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة