إبراهيم أحمد عرفات

السلطة والمال.. من يسيطر على الآخر؟!

الجمعة، 05 سبتمبر 2008 02:07 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هل السلطة تقود المال أم العكس؟!.. ذلك التساؤل هو الذى قفز إلى ذهنى بعد أن أصدر المدعى العام قراره بحبس رجل الأعمال المصرى المعروف هشام طلعت مصطفى (عضو مجلس الشورى) فى قضية مقتل الفنانة اللبنانية سوزان تميم فى شقتها بدبى.. سؤال ربما يبدو غريباً عن الحدث (الجلل) الذى شهدته البلاد، وكان بمثابة زلزال أصاب الأوساط السياسية والاقتصادية.. لكن (الهزة) نفسها التى أصابت مصر جراء ذلك الحدث.. كانت هى ذاتها مصدر بلورة ذلك السؤال.

كيف؟.. هناك العديد من الملابسات التى أحاطت بالقضية، أظهرت بالفعل سطوة رجال الأعمال على القرار السياسى (السيادى) فى مصر.. فالقضية بدأت منذ ما يقرب من شهر تقريباً، وصدر قرار بعدم نشر أى أخبار عن الموضوع.. بل فتحت وسائل الإعلام أبوابها على مصراعيها لاستقبال هشام طلعت مصطفى للدفاع عن نفسه.. وبلغ الأمر حد مطالبته بإصدار قانون يجرم إطلاق الشائعات (بعد أن اطمأن قلبه) على غرار ما فعله غريمه التقليديى (الحديدى) الذى نجح فى تمرير قانون لمنع الاحتكار.. يراه العديد من الخبراء أنه (مفصل) خصيصاً لمعاليه.. ولكننا فوجئنا بحبس إمبراطور العقارات، بل فوجئنا أيضاً بوجود قرار من النائب العام يقضى بعدم سفر المتهم منعاً لهروبه، لم نسمع عنه ـ وربما لم يسمع عنه المتهم نفسه ـ إلا بعد حبسه فعلياً على ذمة التحقيق!!

إذن السؤل الآن.. لماذا تم تطمين (المتهم) منذ البداية؟.. هل الموضوع مرتبط بتربيطات ومصالح اقتصادية بعينها؟ خصوصاً وأن هناك شبه تأجيل فى حسم توجيه الاتهام لهشام طلعت مصطفى!!.. لا يهمنى فى هذه القضية ملابساتها أو من المتهم فيها.. خصوصاً أن قرار المدعى العام لا يعدو كونه توجيه اتهام وليس حكماً نهائياً.. لذلك دعونا نلتزم بالقاعدة القانونية التى تقول (المتهم برئ حتى تثبت إدانته).. ولكن تركيزى هنا سوف ينصب على من له القرار فى هذا البلد.. هل السلطة أم المال؟..

الإجابة على هذا السؤال أن المال فى مصر هو الذى يقود السلطة.. والسبب فى ذلك استراتيجية التنمية والإصلاح الاقتصادى التى تبنتها مصر مع بداية عقد التسعينيات.. والتى اعتمدت كلياً على رجال الأعمال.. وبدأت عملية تصعيدهم سياسياً بشكل غير مبرر، حتى ظهرت الصراعات الاقتصادية مغلفة بإطار سياسى، ثم انتقلت إلى استخدام النفوذ السياسى لتحقيق المصالح الاقتصادية، فيما يعرف بسياسات (تكسير العظام).. فى تناقض واضح لقواعد الصراع السياسى نفسه، الذى يعتمد على مبدأ المصلحة، التى تدفع بدورها إلى عدم تدمير الخصم نهائياً، من منطلق إمكانية الاستفادة منه مستقبلاً.. الأمر الذى يقود إلى تساؤل آخر.. هل اتجاه البلاد نحو الحرية الاقتصادية، وبناء نظام اقتصادى قائم على آلية السوق، سبب كاف لتصعيد رجال الأعمال إلى مركز صنع واتخاذ القرارات السياسية؟!

إن الليبرالية الجديدة neo-liberalism (التى تعتبر ركيزة فكر الحزب الوطنى والحكومة) فى جوانبها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، تفرض على الدول أن تكون بمثابة منظم للأداء الاقتصادى، وتكون أيضاً مراقب لسياسات الإصلاح الاقتصادى، وتضع استراتيجية لمواجهة الآثار السياسة والاجتماعية المتوقعة جراءها، فيما يعرف نظرياً بـ "الدور الاجتماعى للدولة".. وهو أمر يؤكد أن القرار السياسى يجب أن يتخذه الساسة ليس غيرهم.. وأن السلطة يجب أن تقود المال وليس العكس.. حتى وإذا كانت الدولة (بكل هيبتها المفترضة) تحتاج إلى المال وأصحابه لتنهض.

فمن غير المفهوم أو المنطقى أن يتم تفصيل القوانين والسياسات على أصحاب المال والأعمال، وليس من المنطقى أن يتم تعطيل البرنامج النووى المصرى ـ المزمع ـ فى أرض الضبعة بسبب رؤية بعض رجال الأعمال للاستفادة به سياحياً، مع أنه المكان الذى تم اختياره منذ عقدين تقريباً. واسمحو لى هنا.. أن يدور فى ذهنى حديث كان قد دار بينى وبين أحد أصدقائى حول الإصلاح الاقتصادى فى مصر، ومدى نجاح سياساته.. حيث رأى صديقى أن ما يحدث فى مصر أمر مشابه لما مرت به أوروبا خلال عصر الثورة الصناعية، لذلك يعتقد أن ارتفاع معدلات التضخم والفقر، والبطالة، أمر طبيعى لتك السياسات الإصلاحية!!

ولكن بدورى أرى أن أوروبا خلال عصر الثورة الصناعية، كانت بها دول تنظم الأداء الاقتصاى والصناعى، ولم يكن لرجال الصناعة تلك السطوة السياسية، حتى أن آل روتشيلد فى بريطانيا العظمى ـ وهم الأقوى اقتصادياً على مدار التاريخ الحديث ـ لم يتدخلوا فى السياسات الداخلية للبلاد، بل استخدموا إمكانياتهم الاقتصادية، لمساعدة اقتصاد البلاد التى يعيشون فيها، وأيضاً استخدموها لتحقيق هدف آخر، وهو المساعدة فى بناء الدولة الإسرائيلية بالشرق الأوسط.. كما أن هناك مقولة معروفة لدى الباحثين والكتاب، تقول إن النماذج لا تتكرر، ولكن تتشابه.. فالمجتمع المصرى ليس كالمجتمعات الأوروبية التى أفرزت أدبياتها "أوقات عصيبة" و""أوليفر تويست" لتشارلز ديكنز.. وذلك لسبب بسيط ـ من وجهة نظرى المتواضعة ـ أنه كان يجب علينا أن نبدأ من حيث انتهى الآخرون.. ولكننا نريد إعادة (اختراع العجلة) كما قالت لى صديقة أخرى..

I.arafat@youm7.com

موضوعات متعلقة:

◄الـ"دى.إن.أيه": دماء سوزان تميم على ملابس السكرى
◄سؤال كبير عن هشام طلعت مصطفى!!
◄مصر 2008.. علاج الشورى برماد هشام طلعت
◄سعيد شعيب يكتب: فطام هشام طلعت مصطفى
◄سوزان تميم .. من صفحات الفن إلى الحوادث
◄حتى البسطاء تأثروا بقضية طلعت مصطفى
◄مصائب طلعت .. عند بيبو مصائب
◄قانونيون: طلعت مصطفى ينتظر الإعدام أو المؤبد
◄كيف تحول ضابط أمن دولة إلى قاتل متوحش ؟
◄طلعت مصطفى..دراما الواقع أقوى من واقع الدراما
◄سوزان تميم من صفحات الفن إلى الحوادث
◄قصص عراقية فى حياة سوزان تميم ووفاتها
◄قرار النائب العام يتسبب فى مأزق لعمرو أديب
◄طارق يخلف هشام فى مجموعة طلعت مصطفى
◄مؤشر البورصة يهبط 2.3% عند الإغلاق
◄هشام مصطفى .. قلق فى الشورى والإخوان حذرون
◄هشام طلعت وسوزان تميم
◄النائب العام يقرر حبس هشام طلعت مصطفى
◄هشام طلعت: وضع شركتنا المالى فوق الشبهات
◄طلعت مصطفى يطالب بقانون لتجريم الشائعات
◄هشام طلعت مصطفى لم يهرب ويعود إلى مصر الأحد
◄برلمانى يطالب بتطبيق "الحرابة" على السكرى
◄5 سيناريوهات ناجحة لقتل سوزان تميم والفاعل مجهول!!
◄"السكرى" أكبر دليل على خيبة جهاز أمن الدولة








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة