مشهد واحد لا يكفى
لرؤية المسيح على الصليب.
ربما تألم المسمار حين اخترق القدم.
ربما انتفض الخشب.
مشهد واحد لا يكفى لرؤية أحداث غزة.
ربما تألم الشعراء فكتبوا القصائد.
ربما انتفضت روح الإبداع للفنانين،
فرسموا اللوحات وافتتحوا المعارض.
ربما أحست حكوماتنا العربية بالذنب.
فأرسلت القوافل للإغاثة.
ربما نضبت أجندات التمويل فكان الدفاع عن غزة.
ربما بات المشهد يخبو فى ظلمة التفاصيل الأليمة بين رفات الموتى والجرحى فى غزة، لكن تبقى الحقيقة مفجعة والنتيجة الصفرية اللعينة.
لا أعرف لماذا تذكرت مشهد صلب المسيح حين ارتعدت جوانحى، وأنا اختلس النظر لصور الجرحى فى غزة، مع اختلاف المشهدين، إلا أننى وجدت نفسى أرى كلاهما ملاصقاً للآخر.
فالعذاب والألم يفوق الحدود، ستنكرنى ثلاث مرات قبل صياح الديك، والعالم أنكر غزة ثلاثمائة ألف مرة، تحمل العذاب والألم ليمحو خطيئة البشر، وها هى تتجسد على أرض غزة.
بعيداً عن المسيح وغزة، وبعيداً عن محمد وحماس، وبعيداً عن موسى وإسرائيل، خرجت صور الجرحى والقتلى تعلن للعالم وحشية المجازر فى غزة، بعيداً عن كل الأديان خرج الأطفال والنساء أشلاء جثث.
لا أعرف كيف الكتابة عن غزة، لكن أرانى داخل التفاصيل الهزيلة لأوجه التضامن مع غزة.
دعونى أسأل، بماذا يفيد إلغاء حفل تضامناً مع غزة؟
بماذا يفيد إقامة معرض رسومات تضامناً مع غزة؟
بماذا يفيد بيان شجب وإدانة تضامناً مع غزة؟
بماذا تفيد أغنية عن غزة؟
بماذا تفيد حملة إعلامية لرصد ما يحدث فى غزة؟
بماذا تفيد المفردات الرنانة والعبارات الصاخبة لأصحاب الحناجر العالية؟
بماذا تفيد معارك الأحذية تحت قبة البرلمان؟
بماذا تفيد تظاهرات الشارع العربى فى الوقت الذى يتظاهر فيه أيضا الفلسطينيون فى الضفة؟
بشئ من المصداقية والوقوف مع الذات، نعرف جميعاً أن النتيجة لا شىء، فالكل يستغل الحادث لتحقيق مكاسب على مستوى محيط اهتماماته. الكل يصنع من الحدث مادة إعلامية تخبو وتشتعل باشتعال الأحداث والعكس.
الحق يقول "لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" والتمنِّى والإحساس بالألم والتعاطف لن يوقف إراقة دماء الأطفال والعجائز والنساء، ولن يوقف الوحشية.
الفعل الحقيقى هو من يثبت الأقدام على أرض صلبة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة