حمدى الحسينى

نجوم فى سماء غزة !

الأربعاء، 14 يناير 2009 10:36 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
منذ اللحظة الأولى للغزو الإسرائيلى الهمجى لقطاع غزة، وأنا أشعر بالغيرة المهنية من عشرات الزملاء الذين يخوضون حربا بلا هوادة لا تقل خطورة عن الحرب التى يواجهها شعب غزة بصدورهم العارية.. هؤلاء الزملاء يصنعون الآن الأمل لأجيال من الصحفيين والإعلاميين، بفضل ممارستهم المهنية التى تجلت فى أجمل وأنبل صورها أثناء العدوان الآثم، بعد أن أصبحوا مصدرا لا غنى عنه لنا ولأغلب دول العالم فى معرفة ومتابعة كل ما يجرى على مسرح أبشع مجزرة بشرية عرفتها الحروب الحديثة.. هذه الحرب التى حصدت أرواح مئات الأطفال والبراعم الخضراء، ناهيك عن مئات الشهداء من الشباب والرجال والنساء.. بدون جهد وتضحيات، هؤلاء المراسلين لم نكن لنتمكن من الوصول إلى حقيقة ما يجرى من رعب وإرهاب صهيونى، وبدون تضحياتهم ما كنا سنتعرف على قصص الشهداء الدامية والاطلاع على تفاصيل مآسيهم ساعة بساعة، حتى أضحينا نعيش معهم أحداث العدوان الصهيونى لحظة بلحظة، دون أن يلتفتوا للخطر الذى قد يطول حياتهم فى أى وقت وهم يؤدون واجبهم.

بعيدا عن الاستغلال السياسى القطرى لفضائية الجزيرة.. شئنا أم أبينا فإنها تتصدر قائمة الفضائيات الإخبارية التى جعلتنا طرفا وشركاء فيما يجرى من بطولات على أرض غزة.. الجزيرة تحولت إلى مصدر رئيسى ليس فقط للصحفيين والمتابعين، بل أيضا للزعماء والسياسيين العرب. رغم أن مدير الجزيرة الحالى الإعلامى، وضاح خنفر فلسطينى الجنسية، وربما يكون "حماسى" الهوى، إلا أننى لا أتفق مع من ذهب إلى تبرير دأب الجزيرة وملاحقتها لكل كبيرة وصغيرة لأحداث غزة بسبب جنسيته وانتماءه.. السبب أن الجزيرة كوسيلة إعلام هامة نضجت على نار المعارك السياسية الشرسة التى خاضتها ضد العديد من أنظمة الحكم العربية، كما تعرضت لاختبارات قاسية منذ ولادتها الأولى لاسيما خلال الغزو الأمريكى لكل من أفغانستان والعراق، وما تبع ذلك من أحداث على الساحتين العربية والدولية.. إذن هى لم تكن بحاجة إلى عدوان إسرائيل الأخير على شعب غزة لتثبت قدرتها وكفاءة العاملين فى تغطية الأحداث بحرفية عالية.

ثلاثة أسابيع أظن أن النوم لم يزر فيها عيون الشاب النشيط تامر المسحال، ولا زملائه فى طاقم الجزيرة من الصبور وائل الدحدوح إلى المتميزة السمراء هبة عكيلة، ثم رابعهم سمير أبو شمالة، وهكذا الحال بالنسبة لعشرات من طواقم المراسلين الموجودين بغزة حاليا..

الجميع يعملون بصبر وصلابة تحت القصف والنيران المتواصلة التى أشعلها العدو فى القطاع. المسحال ورفاقه أثبتوا بطولة وثبات فى ميدان القتال، وواجهوا الموت فى اليوم مائة مرة، لكنهم أبدا لم يستسلموا للخوف وظلوا متماسكين، غير عابئين بأزيز الأباتشى ولا بدوى طلقات الهاون، ولا حتى بسقوط ثلاثة من رفاقهم..

هؤلاء الأبطال انتصرت إرادتهم وسطعت نجوميتهم فى سماء غزة، فغطت على دخان قنابل العدو الفسفورية المحرمة دوليا.. والأربعة لا تقل شجاعتهم وقدرتهم على تحمل التعب والمعاناة عن شجاعة المقاومين البواسل الذين فضلوا الشهادة على الاستسلام لجيش العدو رغم انعدام توازن القوة.. فأحداث غزة طمأنتنا على معدن المقاومة الفلسطينية الباسلة ومدى إيمانها بعدالة قضيتها. لقد أحزننى غياب الإعلام المصرى عن هذه الملحمة البطولية الرائعة التى تدور رحاها على أرض غزة.

إن التاريخ سوف يسجل أن إعلام "الريادة" خانه التوفيق هذه المرة، ورسب فى اختبار غزة، كما فشلت السياسة والدبلوماسية فى نفس المعركة.. لاحظ أن قطاع غزة ملاصق لحدودنا ومع ذلك لم يزره صحفى مصرى واحد، ولم تكلف أى صحيفة مصرية "قومية وخاصة وحزبية"، أحد كوادرها لتغطية وتسجيل وقائع العدوان. أدرك حجم المخاطر وربما عدم قدرة الصحف على تحمل مسئولية إرسال بعض العاملين بها إلى هناك.

دهشتى تضاعفت بعد أن تبين لى أن كافة وسائل الإعلام المصرية تعاملت مع أحداث غزة كما تعاملت مع أحداث الانقلاب الذى شهدته الكونغو.. المحصلة.. لا صحيفة ولا فضائية حكومية أو خاصة أرسلوا مندوبيهم إلى غزة.. هذا أمر عادى.. لكن الأمر المدهش والذى يدعو إلى السخرية أن يخرج علينا أحد مقدمى برامج "المكلمة" فى فضائية مغمورة من الناحية الخبرية، ويزعم أن برنامجه بل وفضائيته هى التى نقلت حقيقة ما يجرى فى غزة فحرضت الملايين ودفعتهم للخروج فى مظاهرات غاضبة فى كل مكان!!.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة