يخطىء الإنسان ويصيب.. لكن الأخطاء أنواع.
عاش الرجل فى الدنيا ما يقرب من نصف قرن، ومنذ أن كان طفلاً مروراً بمراحل الطفولة والمراهقة وحتى الشباب، لم يفكر يوماً سوى فى التحليق بعيداً عن عالم الفقر، الذى يحاصره هو وأسرته لكن صديقنا كان صارماً فى رحلته لوداع الفقر.. قرر وخطط ونفذ على أفضل ما يكون.. وبعد أن أتم عامه الأربعين، انتقل إلى فيلا يسكن فيها مع زوجته وشريكة الحرب على الفقر.. ورفعت معه رايات النصر «الحقيقى» على الفيلا الفاخرة.. وقاطع السيارات المستعملة مقاطعة البضائع الأمريكية والإسرائيليةوقبل كل ذلك، تبدلت صداقات الرجل، ولم يعد يتذكر حتى أسماء جيران الزقاق فى الحى العشوائى الممتلئ عن أخره بالبشر، الملتصقة أجسادهم.. وبين الصداقات الجديدة لأبناء الكبار والطبقة العليا.. وكان يسمع منهم روايات البطولة فى عالم النساء والليل.. وحاول كثيرا تقليدهم لكنه فشل فى الخروج من جلباب ابن الحى الشعبى، فلم يكن بارعاً مع النساء، رغم ان حلمه المتبقى قيد التنفيذ، هو أن يخالط فتيات وحسناوات الأندية الشهيرة، التى بات عضواً فيها.. إلا أن صاحب المصنع الكبير فى شرق القاهرة لم يستسلم.. حتى أضاع قبل أيام قليلة الثروة والحرية.. ثمناً لمغامرته النسائية الأولى التى لم تتم.. صديقنا كان متوجها إلى مصنعه.. وشاهد سيدة على الطريق.. وأشار إليها وركبت معه.. لم تكن فتاة ليل ولا نهار.. تحدثا وتعارفا.. واستدرجها إلى استراحة ملحقة بمصنعه.. كان يأوى إليها كلما حل به التعب.. والمهم غادر صديقنا الاستراحة قاتلاً، بعدما دافعت سيدة النهار عن شرفها.. الذى أراد ان ينهشه رغم اكتشافه أنها معاقة.. اشتبك معها حتى غادرت روحها الاستراحة.. وأصبح هو قاتلاً..
القصة السابقة حدثت مع الأيام الأخيرة للحرب على غزة.. ولا أدرى لماذا قفزت إلى ذهنى.. وأنا اتابع الأخبار والتقارير التى تتحدث عن الفصائل الفلسطينية.. فهم الذين دخلوا إلى الأراضى المحتلة فى خطوة جبارة على طريق النضال ضد المحتل لطرده من أراضيهم.. وبعد ان بات زعيمهم على اعتاب القدس لينتزعها سلماً أو بالانتفاضة.. تعجل الإخوة ودخلوا فى قتال - مشروع - لكنه غير مناسب للزمان أو المكان.. وتفرغوا لمطاردة بعضهم البعض.
وهم الآن فقدوا الوحدة الداخلية.. وحتى الأنفاق التى حملت إليهم السلاح، تتسابق دول العالم لحصارها سيسمحون بالمعونات والتجارة، لكن لن تعبر رصاصة واحدة بحر وأنفاق غزة بعد اليوم.. ترى هل اقتتال الفصائل الفلسطينية حقق أية نتائج ملموسة لإقامة دولة فلسطينية.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة