الجريمة التى وصفها الكبار قبل الصغار بأنها الأشهر فى المائة عام الأخيرة، اختفت تفاصيلها فجأة وكأن هشام طلعت مصطفى قد امتلك «طاقية الإخفاء»، قد يكون قرار حظر النشر سبباً كافياً لتبرير اختفاء تفاصيل القضية الرسمية، ولكنه لا يساوى شيئا أمام تلاشى اسم هشام طلعت مصطفى ومحسن السكرى وسوزان تميم من بين سطور حواديت الناس.
تبخرت القضية كلها بقدة قادر فى بلد معروف عنه حبه «للت والعجن» فى الصغيرة قبل الكبيرة، فما بالك هنا والكبيرة جريمة كبرى اجتمعت فى أوراقها دم مطربة مشهورة بتعدد العلاقات وفلوس رجل أعمال معروف بقربه من البيت الرئاسى وسكين ضابط كان ينتمى لأخطر الأجهزة فى مصر.. أمن الدولة، أليس غريبا أن تختفى سيرة كل هذه الأشياء وكأنها لم تكن؟، أليس غريبا أن البلد الذى يطلق الشائعات مثلما يطلق صاحب البطن المريضة غازاته، لا تدور فى شوارعها أو صحفها أو فضائياتها أو جلسات نميمتها أى شائعة عن قضية هشام طلعت مصطفى وجريمته؟
أليس غريبا أن تنشر الأهرام الجريدة الرسمية الأولى فى مصر فى أغسطس الماضى تقريرا عن رجل أعمال مصرى أبلغ السلطات فى دبى بتفاصيل عن الجريمة بعد وقوعها بساعات، وتختفى تلك المعلومة دون أن تلاحقها أى شائعة لتخمين اسم رجل الأعمال هذا؟ ألهذه الدرجة عجز مجتمع الشائعات فى مصر عن ملاحقة تلك القضية المثيرة؟ أم أنه يتعاطف مع رجل كان يوما ما ضيفا على جلساته؟ أم أن نفوذ هشام طلعت مصطفى أقوى مما نتخيله لدرجة أنه فرض حظر انتشار للشائعات مثلما حظر نشر أى تفاصيل رسمية عن القضية فى وسائل الإعلام؟.
للأسف قد تجد نفسك مجبرا على تصديق ذلك، مثلما صدقت المحكمة وهى تعلن بثقة أن قرار حظر النشر جاء لضمان سير التعامل القانونى مع القضية بموضوعية، وكأن كل المحاكمات العلنية للقضايا الكبرى فى العالم تؤثر على مجرى العدالة، أضف إلى ذلك أن نفس القضاء الذى أصدر قرار حظر النشر فى قضية هشام، امتنع عن حظر النشر فى قضية هبة ونادين رغم غموض موقف المتهمين أكثر من الوضع فى قضية هشام وسوزان، كما أن قضية هبة ونادين كانت أجدى بحظر النشر فيها حفاظا على حرمة الفتاتين المتوفتين، من أوراق تحقيقات النيابة التى توزع على الأرصفة فى انتهاك غير إنسانى لحرمة الموتى.
للأسف قد تضبط نفسك متلبسا بتصديق فكرة استغلال هشام نفوذه وفلوسه لمنع انتشار أى شائعة عن قضيته، لأنك قد اعتدت منذ زمن على أن الوجوه المقربة للسلطة تملك القدرة على قلب البلد من فوقها لتحتها، فمابالك برجل نشرت الصحف صورا له وهو يجاور الرئيس نفسه كتفا بكتف؟.
عموماً الوضع فى قضية هشام طلعت مصطفى بالنسبة للرأى العام لم يعد على نفس درجة الغموض حينما بدأ التحقيق فى القضية، البسطاء أصبحوا على قناعة بأن عاصفة البراءة ستأتى بعد هدوء حظر النشر، والنخبة تأكدت من أن الدولة تحفظ أسرار تلاعبها مع رجال الأعمال إن ظلوا مخلصين، وهشام طلعت مصطفى يقضى وقت سجنه فى حمد وشكر ربه وأناس آخرين على ثلاث نعم لا رابع لها.. شعب يعشق النسيان، وقضاء لا يبخل على الدولة بقرار حظر نشر حينما تريد، وبالطبع.. كارنيه لجنة السياسات!.
محمد الدسوقى رشدى
محاكمة هشام طلعت مصطفى على طريقة دارى على شمعتك.. تاخد براءة!
الجمعة، 30 يناير 2009 01:37 ص
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة