رامى عطا صديق

مفردات خطاب المواطنة

الأحد، 11 أكتوبر 2009 07:55 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
للمواطنة مفردات وللطائفية مفردات أخرى، والواقع أنه إذا كانت قيمة المواطنة تقوم على مبدأين رئيسيين هما المساواة والمشاركة، فى الحقوق والواجبات، دون تمييز بين المواطنين الذين يتمتعون بجنسية الدولة "الوطن" الذى يعيشون على أرضه وينتمون إليه، حيث تكون المواطنة للجميع بغض النظر عن أى اختلاف بسبب الدين أو اللون أو الجنس أو العرق.. إلخ. فإن تأصيل ثقافة المواطنة إنما يحتاج إلى الكثير من الجهد من كافة المؤسسات وعلى كافة المستويات.

ولعله يلاحظ أنه ثمة مجموعة من المسميات والأوصاف والمصطلحات التى تكرس للطائفية وتدعمها وتعود بقيمة المواطنة إلى الخلف، ضاربة كل الجهود التى يقوم بها مثقفو مصر ومفكروها وسياسيوها من أجل إرساء وتدعيم قيمة المواطنة على المستويين النظرى "المفهومى والعملى" التطبيقى، من أجل أن تصبح المواطنة ممارسة حياتية على أرض الواقع "الوطن".

وهذه المصطلحات، التى أفضل عدم استخدامها، للأسف كثيرة ويستخدمها البعض دون وعى وربما بحسن نية فى بعض الأحيان، وعن قصد وسوء نية من قبل البعض فى أحيان أخرى، فهى مسميات من نوع: رجل الأعمال القبطى ورجال الأعمال الأقباط.. المفكر القبطى.. الباحث القبطى.. الكاتب القبطى.. المحافظ القبطى.. عمدة قبطية.. إلى آخر هذه الأوصاف والمسميات التى تركز على الانتماء الخاص الضيق والتى باتت مفروضة علينا فى عدد من كتابات البعض على صفحات بعض الصحف وفى بعض برامج على شاشات التليفزيون، حيث ينبغى للحقيقة هنا أن أشير إلى أنه فى المقابل هناك كتابات ومواد إعلامية تدعم قيمة المواطنة وتدعو لها وتعى جيداً مفردات خطاب المواطنة.

إن خطورة هذه الأوصاف والمسميات التى تميز بين المواطنين على أساس الدين، إنما تكمن فى أنها لا تخدم مبدأ التعايش المشترك بين المواطنين، كما أنها تؤدى إلى التمييز القصرى بين أبناء الوطن، وهى كذلك أوصاف تقف ضد قيمة المواطنة التى تقوم على أساس المساواة الكاملة والمشاركة الكاملة أيضاً بين المواطنين بغض النظر عن أية اختلافات.

إنه علينا أن نتنبه جيداً لمثل هذه التعبيرات والأوصاف التى لا تفيد المجتمع فى شىء، بل على العكس فإنها تؤدى بشكل واضح وصريح إلى شكل من أشكال الفرقة والانقسام.

إننى أخشى أن يأتى يوم نقول فيه أستاذ جامعى قبطى وطبيب قبطى وصيدلى قبطى ومحاسب قبطى ومحامى قبطى وتاجر قبطى ومدرس قبطى، إلى آخره من المجالات العملية والعلمية التى لا تفرق بطبيعتها بين المواطنين.

إن هذه الأوصاف تفرق بين أبناء الوطن الواحد وقد تجعل منهم فريقين متناحرين ومتصارعين، فريق فى مواجهة فريق آخر، وقد ينتصر البعض لأحدهما دون الآخر. ومن ثم فإنه يكون من الأنسب، بل إنه من الواجب علينا، الابتعاد عن تكريس وتأصيل هذه المسميات فى أذهان الناس وعقولها.

أتمنى أن نكف عن استخدام هذه الأوصاف، وأن نقول كاتب مصرى وباحث مصرى ورجل أعمال مصرى، وذلك حتى لا نكرس انقساماً وتفرقة نحن بالتأكيد فى غنى عنهما. ومن ثم نتمنى أن يتحلى الخطاب الإعلامى "الصحفى الذى تنتجه الجماعة الإعلامية" الصحفية المصرية بما يدعم ثقافة المواطنة ويكرسها كثقافة شعب وممارسة حياتية بين المواطنين.

زين الكلام
يقول الأستاذ سمير مرقس، وهو واحد من أبرز المهتمين بقضية المواطنة، فى أحد مقالاته: "هناك ضرورة لتجاوز هذا التقسيم الضيق للبشر وإدراك أن هناك تقاطعات أفقية للمجتمع تتجاوز الدين كمعيار وحيد للتصنيف بين البشر، فالمكانة والثروة والانتماء السياسى والانتماء الرياضى والتذوق الفنى والجنس.. إلخ، كلها معايير لابد أن تؤخذ فى الاعتبار.. فمتى تم تطبيقها سوف نجد أنها قد تجمع بين الكثيرين بالرغم من اختلاف الدين.

إن التصنيف الدينى- فى واقع الحال- أمر غير علمى وأقول إنه غير مصرى أيضاً.

كاتب وباحث





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة