محمود طرشوبى

أمريكا وباكستان بين المصلحة والتبعية خطوط مشتركة

الإثنين، 12 أكتوبر 2009 07:17 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
شهدت باكستان فى الآونة الأخيرة جملة من الأحداث المتسارعة التى عقدت المشهد السياسى، ابتداء من عودة بنازير بوتو، فاغتيالها، فتحالف حزبى الشعب والرابطة الإسلامية واكتساحهما الانتخابات البرلمانية، من ثمّ انفصالهما مجدداً وصراعهما على السلطة، فانسحاب مشرف من الحياة السياسية، وتولى زردارى شئون الرئاسة فى باكستان، فعودة القضاة إلى المحكمة الدستورية العليا بعد طول نزاع وأخذ ورد, ثم كان النشاط المسلح لطالبان باكستان, وتوقيع اتفاقية تطبيق الشريعة, وفشلها , وبدأ الصدام المسلح بينها وبين الجيش.

بالنسبة للولايات المتحدة، أكد هذا الوضع المضطرب فى أفغانستان وباكستان ما ذهب إليه الرئيس الأمريكى باراك أوباما مبكراً من كونهما ساحة الصراع الأساسية التى ينبغى على واشنطن خوضها لاستئصال 'الإرهاب' الذى يهدد مصالحها! كما اعتبر أوباما أنه لا بد من اعتماد أساليب جديدة تخرج الولايات المتحدة من حالة الشلل الذى تعيشه القوات الأمريكية فى أفغانستان.

وبالفعل بدأت أمريكا فى اتخاذ خطوات بشأن تحويل باكستان إلى قاعدة أمريكية للحرب على الإرهاب من جهة وللسيطرة على المنطقة من جهة أخرى.

وبالفعل تناقلت وسائل الإعلام مؤخراً خبر بناء أمريكا قلعة لها على أرض باكستان على غرار القواعد العسكرية تحت ذريعة توسيع السفارة الأمريكية فى إسلام أباد. ومن أجل هذا الغرض اشترت السفارة قطعة أرض محاذية لمقرها تبلغ مساحتها 7.28 هكتارا (73 كم مربع تقريبا) بمبلغ 12 مليون دولار فقط، وهو ثمن رخيص جداًً بأسعار هذه المناطق وقد ورد فى التقرير الذى نشرته وسائل الإعلام أنه خلال الأيام القليلة القادمة سيتم استقدام ألف موظف للسفارة الأمريكية، من بينهم 350 عنصراً من المارينز. وهو العدد الأكبر الذى يمكن أن تحويه سفارة فى العالم، بالرغم من أن العدد المسموح به فى الاتفاقيات يجب أن لا يتجاوز 350 موظفاً.

كما جاء فى تلك التقارير كلام عن بناء شركة ” Black water” العسكرية الأمريكية قاعدة لها فى بيشاور، وهذه الشركة هى نفسها التى استخدمتها وزارة الخارجية الأمريكية فى العراق فاقترفت أبشع الجرائم بحق المسلمين هناك إلى جانب الجيش الأمريكى، هذا بالإضافة إلى تقرير آخر تحدث عن إشراف أمريكا على بناء قاعدة للطائرات من دون طيار لتضم أيضاً طواقم عسكرية كافية لتقوم بشن هجماتها من داخل باكستان, وكعادة الرسميين الأمريكان فى مؤتمراتهم الصحفية، فقد صبوا مزيداً من الزيت على نار غضب المسلمين، حيث أكدت السفيرة للمسلمين بأنّ السفارة المكونة من مئات الغرف ستكون ضخمة جداً وسيستغرق إتمام بنائها سبع سنين، وبالتأكيد ستكون محمية من قبل قوات البحرية الأمريكية. إلا أنّها لم تتوقف عند هذا الحد بل ذهبت إلى حد القول بأنّ أمريكا ستوسع سفارتها فى كراتشى وستبنى قنصلية جديدة فى بيشاور، والتى ستشكل قاعدة للتوسع العسكرى الأمريكى فى الإقليم الشمالى الغربى وإقليم السند كمركز دعمٍ للقاعدة العسكرية الجديدة فى العاصمة. كما أكدت على أنّ التوسع الأمريكى هذا من أجل الإشراف على إنفاق بلايين الدولارات التى رُصدت للحفاظ على المصالح الأمريكية من خلال مؤسسات وهيئات أمريكية، مُنحت مواقعَ لها، سلفاً، من قبل حكومة زارداري. ، إضافة إلى إنشاء مراكز تجسس فى بيوت قامت السفارة الأمريكية فى العاصمة الباكستانية، إسلام أباد باستئجارها، رغم أن السفيرة الأمريكية آن باترسون اعتبرت التقارير حول هذه النشاطات التجسسية عارية من الصحة.

وقامت السفيرة بكتابة رسالة لمدراء الصحف والمؤسسات الإعلامية محذرة من خطر نشر صور وعناوين البيوت التى قالت إنها تعرض حياة الأمريكيين فى باكستان للخطر.

إنّ هذه الأخبار السيئة ليست بالمفاجئة خصوصاً وأنّ حكام باكستان قد نُصبوا للقيام بمهام فاقت مهمة الدكتاتور السابق، والتى تتلخص بخدمة أسيادهم الأمريكان. وما كان تشكيل حكومة ائتلاف قوامها اللصوص وقطاع الطرق إلا لمساندة أمريكا فى تنفيذ مخططاتها بكل سهولة ويسر. وهذه القاعدة ستصبح إما مهبطا للطائرات بلا طيار التى تشن الهجمات الوحشية داخل باكستان، أو ستصبح قاعدة عسكرية لشن الهجمات العسكرية ضد أهل باكستان تحت أية ذريعة ومسمى.

إنّ هذا التوسع العسكرى الأمريكى يذكرنا بالامبرياليين البريطانيين حين نشروا جنودهم فى المنطقة تحت ذريعة حماية الشركة الشرقية الهندية. وبشكل تدريجى توسعت تلك المهمة لتشمل بناء حصون ونشر آلاف الجنود فى المنطقة، حتى تمَكَّن الإنجليز من حكم المسلمين مباشرة.

لقد مرت ثمانى سنوات منذ بدأت أمريكا مطالبة باكستان بمساعدتها فى حربها المزعومة على الحرب. لقد طالبت باستخدام قواعدها وممراتها الجوية وبدعمها اللوجستى لغزو المنطقة, واستخدامها كمحطة للتموين للحرب على أفغانستان.

و بدأت فى الضغط على الجيش الباكستانى لشن حرب إبادة على طالبان باكستان , لأنها لم توافق على اتفاقية تطبيق الشريعة بوادى سوت و رضخ الجيش للتعليمات, مما أدخل البلاد فى بحر من التفجيرات والانفجارات التى طالت بعض مراكز الاستخبارات.

ومازالت أمريكا تقوم بعمليات عسكرية من حين إلى آخر على وزير ستان بحجة ملاحقة القاعدة وقيادتها, وفى كل هجمة لا تقتل إلا المدنيين وبحجج واهية ترد على العالم وعلى الحكومة الباكستانية البائسة.

وبالنسبة لحكومة زاردارى وزبانيته فقد سبقوا مشرف ومن قبله فى خدمة أمريكا بمسافات ومسافات، فالسماح لأعداء المسلمين، وللجيش الذى اغتصب بنات المسلمين ودنس القران، ببناء قواعد عسكرية فى جميع أنحاء باكستان لهو فصل جديد فى الخيانة العظمى. فبدلاً من منع أمريكا من التغلغل فى البلاد فإنّ الحكومة الباكستانية تقوم بإمدادها بما تحتاجه لبناء تلك القواعد فى ظل تصريحات كاذبة للناس. إنّ قيام هؤلاء الحكام الديمقراطيين بهذه الأعمال يبرهن مرة أخرى على أنّ الديمقراطية فى باكستان هى مجرد شكل وليست نظاما ينفذ, وإن الديكتاتورية هى النظام المطبق فى البلاد لكى تسن القوانين وتفرض السياسات اللازمة لحمايته وحماية مصالحه.

وسواء أكان الحاكم دكتاتوراً مثل مشرف أم ديمقراطياً مثل زاردارى فإنّ كليهما وجهان لعملة واحدة، همهم الوحيد هو التفريط بمصالح باكستان الحالية والمستقبلية لصالح الأمريكان كى يبقوهم فى عروشهم. وإن لم يحدث أى تحرك للتصدى لهذه الحكومة, فإنّ الأمريكان الذين يكابدون من أجل حماية احتلالهم لأفغانستان سيتوسعون فى احتلالهم ليشملوا باكستان من دون إطلاق رصاصة واحدة، محققين بذلك الهيمنة الكلية على باكستان، وهو ما لا يستطيعون تحقيقه بدون هؤلاء الحكام.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة