الضغط والسكر والاكتئاب والأمراض المزمنة لا تأتى من فراغ، بل تأتى من داخل مكاتب السادة الوزراء وكبار المسئولين فى مصر، كل وزير أو مسئول سواء كان على مكتب فى قصر العروبة أو على مصطبة الوحدة المحلية فى قرية.. ما يخرج من فمه مع كل تصريح فيروسات تنشر بين الناس أمراض القلب والضغط وتجيب النقطة، وأحيانا يدفعهم للانتحار ويمكنك أن تعود إلى صفحات الحوادث لترصد كم مواطنا سقط بلا نفس بسبب تداعيات تصريح رئاسى أماته غيظا، وكم مواطنا ألقى بنفسه فى حضن الموت بسبب توابع قرار وزارى.. أما لو معندكش أو كانت ذاكرتك بعافية شوية فيمكنك أن تتابع معى قليلا مما حدث فى الأيام السابقة..
الأنفلوانزا الوحشة:
بعد مرور أكثر من 10 أيام على بدء الدراسة فى ظل أجواء انتشار أنفلوانزا الخنازير، هل يمكن أن تتخيل كم ولى أمر قد ارتفع أو انخفض ضغطه فجأة حينما ذهب إلى المدرسة ليشاهد تجيهزات وزارتى الصحة والتعليم لحماية أولاده من الوباء، فوجد بدلا من المطهرات حمامات تصرخ من الوساخة، وبدلا من النظافة تلالا من القمامة، وبدلا من الفصول الخالية عشرات من التلاميذ يكحون ويسعلون.. من المؤكد أن الأجهزة العصبية لأولياء الأمور لن تتحمل كل هذا الغش وأنا عن نفسى أعرف ولى أمر عاد مع ابنه من المدرسة بعد معركة مع المسئولين عنها بسبب النظافة سقط بسببها فريسة لإغماءة بسبب انخفاض ضغط مفاجئ.. فما بالك ببقية الأهالى فى مصر؟!!
نقاب الحلوين:
الغباء يولد غضبا والغضب يؤثر على الحالة النفسية، هذا هو ماحدث بالضبط فى أزمة النقاب قرار ساذج ومتسرع وغير مدروس من شيخ الأزهر ووزير التعليم العالى.. الأول منع المنتقبات من دخول المعاهد والكليات الأزهرية، والثانى حرم المنتقبات من دخول المدينة الجامعية دون إبداء أسباب مقنعة، أو وضع قواعد واضحة تحافظ على حقوق الطالبات ولا تنتهك حريتهن الشخصية، الوزير والشيخ اتخذا قرارا غير دستورى وغير مدروس ومع ذلك ظلا على عنادهما رغم أن القضاء المصرى أنصف من قبل المنتقبة التى منعتها الجامعة الأمريكية من الدخول، مما يعنى أن أى دعوى قضائية ستضع قرارات الوزير والشيخ فى أقرب مقلب زبالة.. بذمتكم مش حاجة تغيظ إن الوزير يترك كل عيوب وكوارث وزارته ويتفرغ للنقاب، والشيخ يترك مايحدث فى الأقصى وما يعانيه خريجو الأزهر ويتفرغ للبحث عن مدى حلاوة وجمال المنتقبات..
الشواذ:
شايفين كل هذا الاهتمام الإعلامى والرسمى والقضائى ببلاغ قدمه الفنان نور الشريف، شايفين كل هذه الانتفاضة الرسمية والإعلامية لنصرة نور الشريف وخالد أبوالنجا على من اتهموهما بالشذوذ، صحيح ما حدث كارثة أخلاقية وصحفية بكل المعايير.. ولكن اللى يغيظ ويجيب الأمراض أن آلاف الكوارث تقع فى دماغ الغلابة ولا ينتفض من أجلهم أحد، اللى يغيظ أن المئات تم انتهاك عرضهم وشرفهم بجد وبحق وحقيقى داخل الأقسام ولم يهتم بهم أحد مثلما اهتم الجميع بنور الشريف.. حاجة تجيب الضغط صح؟؟!
شاليطهم وشاليطنا:
أكثر شىء يسبب الإصابة بالضغط والسكر بل الموت بالسكتة القلبية فى مصر مؤخرا هو هذا الاهتمام المصرى غير العادى بالجندى الإسرائيلى المختطف لدى حماس جلعاد شاليط.. فلو أن الحكومة المصرية تبذل هذا الجهد الذى تبذله على كل المستويات بداية من الرئيس مبارك بنفسه وانتهاء بوزير الخارجية من أجل الأفراج عن الأسرى المصريين فى سجون إسرائيل أو على الأقل ملاحقة إسرائيل بسبب المقابر الجماعية التى دفنت فيها أبناءنا فى حرب 67 لكان الحال غير الحال وكانت الكثير من النيران التى تشتعل فى قلوبنا بردت، ولكن اللى بيحصل هو أن جلعاد شاليط طلع أهم لدى حكومتنا من دماء الآلاف الذين ضحوا بأرواحهم عشان البلد دى كلها تعيش، واللى يغيظ أكتر ويجيب كل الأمراض المزمنة أن حكومتنا لم تشعر بالخجل والكسوف وهى ترى كل هذا الاهتمام الإسرائيلى بجندى فرفور لم يحارب أصلا بينما هم غفلوا عن آلاف الرجال الذين تصرخ عظامهم أسفل رملة سيناء حتى الآن؟!