ربنا لن يسامح من أشعل فتيل معركة النقاب، رغم أنها كشفت عن كثير من التخبط والعشوائية فى تعامل النخبة والجماهير مع مختلف القضايا سواء بسواء.
فجأة أصبحت لدينا قضية كبرى ننسى بها ومن خلالها أنفلونزا الخنازير والطيور واختلاط مياه الصرف الصحى بمياه الشرب وتلوث النيل بالصرف الصناعى والقمامة والبطالة وطوابير المرضى أمام معاهد الأورام ومراكز الغسيل الكلوى ومستشفيات التأمين الصحى.
ننسى كل ذلك أمام الضجيج الهائل لمن يصرخ: وا نقاباه، ومن يرفع قضية ضد هذا المسئول أو ذاك لإقرار حرية التنقب فى المدارس والجامعات، ويجبرك أن تدلى بشهادتك حول الموضوع وأن تضع ثوابتك حول حرية الرأى والمعتقد والتعبير على المحك ألست ليبرالى يا أخ؟ ألست من دعاة الحريات يا أخى؟ أين الحريات إذن؟.. وا نقاباه .. وا نقاباه!!
يحدث ذلك رغم أن المحكمة الدستورية العليا حسمت الموضوع عام 1996 عندما رفع البعض قضايا ضد قرار وزير التعليم الأسبق حسين كامل بهاء الدين عام 1994 بمنع النقاب فى المدارس، وجاء فى حيثيات الدستورية العليا ما نصه" القرار المطعون فيه ـ قرار بهاء الدين بمنع النقاب فى المدارس ـ لا ينال من حرية العقيدة، ولا يقوض أسسها أو يعطل شعائر ممارستها ولا يناقض جوهر الدين فى الأصول الكلية التى يقوم عليها، بل يعتبر اجتهاداً مقبولاً شرعاً لا يتوخى غير تنظيم رداء للفتاة فى دائرة المعاهد التعليمية عبر المراحل الدراسية التى حددها، بما لا ينتقض من حيائها أو يمس عفافها أو يشى بعوراتها، فإن هذا القرار يدخل دائرة تنظيم المباح ولا يعد افتئاتاً على حرية العقيدة".
ورغم الحكم البين الجامع للمحكمة الدستورية العليا منذ 13 سنة يعيد البعض إثارة الغبار من جديد! إمعاناً فى التشويش على ما يستحق الالتفات من أمورنا وقضايانا.
هل من الصعب التفرقة بين القرارات التنظيمية داخل المؤسسات التعليمة والعامة وبين ما يمكن اعتباره افتئاتاً على الحريات الشخصية؟
إذا كان قرار منع النقاب أو فرضه صادراً إلى عموم النساء والفتيات، هنا يمكننا طرح الموضوع على قاعدة الحق فى الحريات الشخصية التى لا يمكن المنازعة فيها، أما طرحه على المستوى التنظيمى داخل المؤسسات، فهو أمر لا يجب أن يتحول إلى معركة زائفة تحرفنا عما يجب أن نتصدى له من قضايا، إلا إذا كنا نريد الهروب من مسئولياتنا، وهذه قصة أخرى.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة