دعك من حالة الصمت التى يعيشها الحزب الوطنى تجاه تحركات المعارضة لاختيار مرشح لرئاسة الجمهورية وكأن الناس فى مقره الذى يطل على كورنيش النيل واثقون من نتيجة ما ستكون فى صالحهم بغض النظر عن كونهم قد اطمأنوا زيادة للنتيجة بعد سماعهم لتلك الاختيارات العبثية التى يطرحها أهل المعارضة، ومن قبلهم الصحف التى لا تجد شيئا لملء فراغها سوى طرح المزيد من الأسماء التى نظل نلهث خلفها ونعلق عليها الكثير من الأحلام، ثم نكتشف حينما يحين وقت الجد أن أصحاب هذه الأسماء خارج اللعبة تماما، مثلما حدث فى الانتخابات الرئاسية الماضية وطرحوا اسم الدكتور زويل كمرشح للرئاسة، ثم اكتشفنا بعد ذلك أن الدكتور زويل نفسه لم يكن يعرف عن أمر الانتخابات شيئا، سوى برقية التأييد التى أرسلها للرئيس مبارك.
نفس حدوتة زويل تتكرر الآن مع الدكتور محمد البرادعى، الحاصل على جائزة نوبل.. حينما غلب حمار السادة الباحثين عن أى اسم يقيمون باسمه المؤتمرات وينشرون باسمه الكثير من الكلمات وجدوا ضالتهم فى الدكتور محمد البرادعى، رغم أن الدكتور فى حالته التى هو عليها الآن لا يحق له قانونيا الترشح للانتخابات الرئاسية طبقا للتعديلات الدستورية الأخيرة، هذا بخلاف أن الدكتور البرادعى نفى وجود أى اتصالات مع أحزاب مصرية بخصوص هذا الشأن.
الإصرار على الدكتور البرادعى مع كل احترامنا وتقديرنا له يعنى ببساطة أن هناك حالة إفلاس عامة دفعت المعارضين فى الأحزاب والتيارات السياسية لطرح الأسماء، وكأنها تضرب عيارين نار فى فرح شعبى، بدليل أننا سمعنا أسماء بدأت بالمستشار هشام البسطاويسى، رغم أن الرجل لم يتحمل معركة القضاء وسافر للكويت، ومرت على رؤساء الأحزاب واحدا واحدا رغم أنه لا رئيس حزب فيهم يحظى بإجماع أعضاء حزبه، وانتهت بالدكتور البرادعى فى إحياء لذكرى ترشيح زويل بعد فوزه بجائزة نوبل، وكأن جائزة نوبل أصبحت مؤهلا سياسيا أو «بكالوريوس» يمكن الحاصلين عليه من شغل وظيفة رئيس جمهورية، طبعا لا أحد ينكر قيمة الدكتور البرادعى وخبرته السياسية والقانونية على الساحة الدولية، ولكن هذا لا يكفى، لأن الأمر لو تعلق بالخبرة الدولية والأداء الدولى فسيصبح الرئيس مبارك على رأس قائمة مرشحى المعارضة، ولكن الأمر يتعلق برغبة هذا الشعب الذى يريد رئيسا يعيش معه معاناة الشارع والطوابير، ولا يصح أن تكون انتقادات المعارضة للرئيس مبارك أغلبها يتعلق بكونه مفصولا عن الشعب ولا يعرف مشاكله الحقيقية، ثم أذهب لأختار الدكتور البرادعى الذى يزور مصر مثله مثل السياح منذ سبعينيات القرن الماضى، ثم قطع صلته الرسمية بها حينما ترك منصبه الدبلوماسى والتحق بالوكالة الذرية عام 1984.. أى عقل يفكر بمنطق قد يقول ذلك؟!
مع كل تقديرنا واحترامنا للدكتور محمد البرادعى، لابد أن يعرف الجميع أن مصر فى تلك المرحلة ليست فى حاجة إلى خبير علاقات دولية، مصر فى حاجة إلى رجل يبنى بصدق هذا الداخل الذى ينهار، رجل على دراية بالتغيرات التى حدثت للشعب المصرى فى السنوات العشر الأخيرة، يمتلك من الصبر مايجعله قادرا على أن يأخذ من هنا ليضع هناك، ويعيد توزيع كل الأدوار بشكل عادل حتى يقف هذا الشعب على قدميه مرة أخرى، ولا يذهب هذا البلد ضحية فوضى الطوابير والمحرومين من الطعام والحرية!
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة