الفراغ يعمل أكتر من كده، والعقول الفاضية تعمل أكتر وأكتر، وإلا لما كنا شهدنا هذا الكم من الحركات سواء كان بشكلها السياسى أو الدينى، فالبلد أصبحت بلد حركات.. كلما استيقظ أحدهم من نومه وقد مرت سحلية على قفاه، يقرر قبل أن يتناول إفطاره أن يؤسس حركة وفى الحركة كما تعلمون بركة وفوائد، فإذا لم يربح المؤسس من خلف هذه الحركة مالا وتمويلا.. ظهرت صوره فى البرامج والجرائد وأصبح من المشاهير، لهذا أصبح مشروع تأسيس حركة سياسية أو دينية هو المشروع الأكثر ربحا فى مصر الآن.. أما البلد نفسها فتروح فى داهية.
هذا هو ما نجنيه من الحركات وإن أردت مثالا.. دعنى أحدثك عن حركة قبطية اسمها "شركاء من أجل الوطن".. أعرف أننا فى اليوم السابع وفى صحف أخرى مثل الدستور والمصرى اليوم والشروق ننشر البيانات الصادرة عن هذه الحركة، رغم أن أغلبها بلا معنى أو عبارة عن شكاوى تافهة وبلا أصل، مثل البيان الخاص بالدورى المصرى لكرة القدم واتهامه بأنه يضطهد المسيحيين، على اعتبار أن عدد لاعبى الكرة المسيحيين فيه قلة وغير معروفين، وهو بيان لا أعرف كيف طاوع ضمير صناع القرار فى هذه الصحف لنشره والاحتفاء به، ولا أعرف كيف طاوعت عقول صناع البرامج الفضائية مناقشة تفاصيله، أعرف أن قلة الأحداث والمعلومات قد تدفع الصحف والبرامج للبحث عن كل ما هو مثير، وأعرف أن مؤسسى هذه الحركة الدينية تفهموا ذلك وقرروا اختراق الصحافة بهذه البيانات المشطشطة، ولكن لا أفهم كيف غاب الكلام الكبير الذى نقرأه فى الصحف عن الوحدة الوطنية وضرورة تطبيق ميثاق الشرف الصحفى فى القضايا الخاصة بعنصرى الأمة، ولا أفهم أيضا كيف تحتفى الصحف ويجرى الصحفيون خلف بيان تافه بهذا الشكل يتحدث عن اضطهاد لاعبى الكرة المسيحيين فى الدورى المصرى، فى الوقت الذى تجرى فرق الدورى الممتاز ودورى المظاليم خلف لاعبين أجانب مسيحيى الديانة ويدفعون فيهم ملايين الدولارات – أغلب فرق الدورى المصرى بداية من الأهلى والزمالك وانتهاء بالجونة، تمتلك لاعبا محترفا مسيحى الديانة تقريبا - بل ونشاهد على الهواء هؤلاء اللاعبين وهم يرسمون الصليب على صدورهم قبل النزول لأرض الملعب أو أثناء الاحتفال بأحد الأهداف.. أى اضطهاد فى ذلك إذن.
كرة القدم يا أساتذة يا أصحاب البيان المثير لا تعترف إلا بمن يضع الكرة فى الشباك، سواء كان مسيحيا أو مسلما أو حتى كافرا، والجمهور لا يسأل اللاعبين عشاق الشباك إن كانوا قد صلوا العصر جماعة قبل إحراز الأهداف أم لا، صحيح أغلب الجمهور المصرى عاطفى ويتأثر بمشاهد السجود والدعاء فى الملاعب، ولكنه لن يرحم كل الساجدين إن خسروا بطولة أو تدهور أداؤهم فى مباراة.
الغريب أن حركة "شركاء من أجل الوطن" عجبها اهتمام الصحافة والبرامج بهذا البيان، فقررت أن تسير على نفس المنوال وأصدرت بيانا آخر اعتبر أن إطلاق اسم منتخب الساجدين على منتخب مصر يسىء لمشاعر المسيحيين المصريين، وإذا كان البيان الأول تافها، فإن البيان الثانى أتفه منه ومبالغ فيه، ومن المؤسف أن الصحف المصرية شربته ونشرته، لأن المسيحى المصرى لا يهمه أن يسجد أبو تريكة أو هانى سعيد أو عمرو زكى، طالما المنتخب يفوز، الجمهور عامة لا يشغل باله بإذا ما كان من أحرز الهدف أبو تريكة أو فرانسيس دوفركى طالما الأهلى يكسب، ولو كان هانى رمزى مدرب منتخب الناشئين فى قلب الملعب حتى الآن لشكر الله هو الآخر بطريقته دون أن يكون فى ذلك أى إساءة لمشاعر المسلمين..
من المؤكد أن العقلاء من إخواننا الأقباط يرفضون هذا الهجص ولا يشجعون هذا الهطل، لأن البلد ليست فى حاجة إلى مجموعة جديدة من أولئك الذين يأكلون عيش على قفا مشاكلها، ركزوا جيدا وستدركون أن الفتنة نائمة بين سطور هذه البيانات وادعوا معى أن يلعن الله من يصدرها.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة