مؤتمر الحزب الوطنى القادم سيناقش ويحتفل.. سيناقش البحث عن مزيد من التصريحات الوردية لتخدير عامة الشعب، وافتكاس المزيد من القوانين التى تمنح النظام الحالى سيطرة أكثر كمالاً على شئون هذا البلد، وابتكار الكثير من الخطط التى ترسخ لانفراده بالسلطة وخلق نوع جديد من المعارضة.. يطبطب على الحكومة ولا يزعلها، ويدعو للرئيس ولا يدعو عليه..
أما فيما يخص بند الاحتفال.. سيحتفل الحزب الوطنى بعشرين سنة قادمة من الهدوء والسيطرة على السلطة فى صمت، سيضحك السادة قادة الحزب الوطنى على ترهل وضع المعارضة، وسيشربون فى صحة سنوات المعارضة السخنة التى ذهبت بلا رجعة، ويكسرون القلل خلف مظاهرات وسط البلد التى لن تعود، تلك الأيام التى كانت ذروتها فى 2005 سنة الانتخابات والاستفتاءات، والمظاهرات..
ويسقط يسقط حسنى مبارك، تلك الأيام التى كان أغلبنا يدرك تماما أنها المرة الأخيرة ، لأن ماحدث جاء بترتيب إلهى، صدفة مقصودة ستفشل حينما يتدخل لترتيبها مجموعة زعماء الورق الذين يقفون على منصة المعارضة، وهذا طبيعى لأن فشل من يتكلم فقط أمر غالب الحدوث، الغريب أن نفس الذين ركبوا موجة الفرحة بما حدث فى2005 وأشعلوا ماكيناتهم وأقلامهم التحليلية يتبرأون الآن من أى محاولة لإحياء ذكريات الماضى، أو تحديدا قرروا الوقوف على الشط لمراقبة الموجة وإن علت يقفزون فوقها بسرعة ويتصدرون الشاشات وصفحات الصحف الأولى..
تلك هى مشكلتهم، لا يحبون المغامرة ولا يركبون إلا فوق الجواد الرابح، الأن يتهامسون فقط بأن ماحدث فى سنوات الفورة الشعبية كذبة، فقط ينتظرون، يشاهدون من بعيد ماسيحدث ويقفزون على الحدث فى الوقت المناسب، حتى أخلاق مشجع الدرجة التالتة لا تجدها فيهم، ذلك الذى يقف على قدميه قبل المباراة بساعات يهتف لفريقه ويشتم الفرق المنافسة دون أن ينتظر سير النتيجة، فى مباريات الأهلى والزمالك يهتف مشجعو الدرجة التالتة قبل الماتش بأسبوع ، وينشرون فى هواء حياتهم أجواء التفاؤل التى يعيش فى أحضانها بعض من الخوف.
ربما يتمنى تيار المعارضة الحقيقى أن يكون له جمهور مثل جمهور الأهلى والزمالك يشجعه ويتمنى فوزه حتى ولو لم يذهب للمدرجات، لا يتبرأ منه ولا يخشى رجال الأمن الذين يملأون الشوارع مثلما يملأون الاستاد، يتمنى مشجع مثل جمهور الدرجة الثالثة يهتف له ويحرض ضد منافسيه دون أن ينتظر إحراز الهدف الأول أو الصفارة التى تعلن النتيجة النهائية.
ربما لم تنجح انتفاضة 2005 ، وربما تكون خطوة غير مدروسة لشباب أسكرتهم نشوة فوز جاء فى ملعب لم يحرزوا فيه أهداف من قبل، وربما توجد أسباب علمية وأمنية لعدم النجاح المتوقع لأى محاولات لاستنساخ إضراب 6 إبريل من جديد، أو "كفاية" وليدة أو قفزة 88 إخوانيا داخل البرلمان، ولكن تبقى عدة أشياء مؤكدة، أولها أن الرئيس القادم من وارد الحزب الوطنى لن يكون سعيدا، فلن يفرح شخص مهما كان، حتى ولو كان ديكتاتور الديكتاتورات بشعب كامل يستقبله بفتور وملل وتشاؤم، ولن يهنأ واحد من أولئك الذين يقفون على منصات المعارضة لأداء دوره المرسوم فى مسرحية الضحك على الشعب، لأن المرآة ستكون أكثر وضوحا وهى تخبره بحقيقته، وهى تلقنه الدرس الذى لم يتعلمه من كتب ابتدائى حينما كانت تقول ساند ما تحب أو ما تؤمن به حتى ولو كانت النتيجة النهائية الهزيمة.. بالمناسبة كل من يتبرأ من المحاولات ويتهرب من مساندتها حتى ولو بالقلب أو الدعاء ستخبره المرآة أنه ميستاهلش يقف قدامها لأنها مبتحبش الأشكال دى!
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة