يحسبنا نسيناه فيطلع علينا الكاتب المسرحى على سالم من حين لآخر بتصريح صحفى مستفز لا يبتغى من ورائه إلا الإعلان عن نفسه لأصدقائه الإسرائيليين، مبشرا إياهم بأن لهم أتباعاً مخلصين، ومروجاً نظريته المتعفنة التى كذبها التاريخ والواقع والمستقبل، وكأنه يقول "أنا هنا" بنفس كلامى المشبوه وآرائى التى يملؤها التناقض والكذب والادعاء والافتراء، والغريب أنك لو استمعت إليه لشعرت أنه لا يشعر ولو للحظة بالخزى والعار والهوان والتدنى، كما لو كان مفطوراً على الكذب لا يرى فيه نقيصة ولا يحسبه مشيناً، فى تصريحه الأخير لبرنامج العاشرة مساء قال: إسرائيل ليست عدواً لمصر، والإعلام المصرى ومن يقفون ضد التطبيع يرغبون فى نقل وتوريث ثقافة الكراهية، وأضاف منفعلاً: حالة السلام مع إسرائيل حقيقية ولن تحدث حرب بيننا وبين إسرائيل ولا بعد 500 سنة، إلا فى حال وصول اليمين المتطرف وإلغائه اتفاقية السلام، وبالطبع هذه التصريحات الرنانة التى يلوكها "سالم" لا ينفع معها مطهرات ولا ديتول ولا صابون ولا كمامات، تصريحات لا ينفع معها كمامة لتقينا من عدواها الخانعة، تصريحات يملؤها المغالطة وشغل "التلات ورقات" وخفة اليد، تصريحات لا يقصد من ورائها إلا إثبات الكفاءة فى الركوع استسلاما، والصمت جبنا، والتضليل مع سبق الإصرار والترصد.
"إسرائيل ليست عدواً لمصر".. من العدو إذن يا سالم؟ أليس من قتل أخوك فى 1948 عدواً، أليس من يبيد شعباً لا يملك إلا الحجارة عدوا؟ أليس من يتفنن فى اصطياد جنودنا على الحدود عدوا؟ أليس من حارب مصر فى كل المناسبات عدواً؟ إذا كان من فعل كل هذا ليس عدواً!! فمن العدو إذن يا سالم؟ نعرف أن مصر وقعت على معاهدة سلام مع إسرائيل قبل أكثر من ثلاثين عاما، لكن معاهدة السلام ذاتها تشهد على العداوة بيننا، فلا يحتاج الأصدقاء إلى توقيع معاهدة سلام، ولا يحتاج الأشقاء إلى إثبات أخوتهم وتقاربهم، ثم كيف لك أن تتجاهل ناظريك وكأنك لا ترى ولا تسمع، فقط تتكلم، كيف لك أن تغض البصر عن انتهاك الصهاينة للمسجد الأقصى منذ أيام؟ وحتى على المستوى الرسمى الحكومى المهادن لم تكف إسرائيل عن إظهار عداوتها لمصر بدليل الدور الذى لعبته فى انتخابات اليونسكو التى خسر فيها مرشح الحكومة بضربات إسرائيل المعلومة والخفية، المباشرة وغير المباشرة، من العدو يا سالم؟ وكيف لنا أن نصدقك وأن تقول هذا وأنت الذى كتبت بخط يديك مسرحية "أغنية على الممر" التى تنادى بعدم الاستسلام للعدو حتى فى وقت الهزيمة؟ أيهما نصدق: على سالم "المبدع" الذى كتب مسرحيته الأبية، أم على مبدع "المتكلم" الذى يردد كلاماً تأبى أذنه على تقبله واستساغته، أم نكذب "العليين" لأنهما فى كلتا الحالتين، كذب محض ونفاق "مع الرائجة"؟
جائزة هنا، ودكتوراه هناك، وشريك مخالف فى الفضائيات، هذه هى حصيلتك التى اكتسبتها من مداهنتك لأصدقائك الأعداء، أما الخسائر فحدث ولا حرج، أقلها فقدانك للمصداقية ومناقضتك لذاتك، "من يقفون ضد التطبيع يرغبون فى نقل وتوريث ثقافة الكراهية" هذه مقولتك الحديثة، فإن كان لا يجب أن نورث أبناءنا كراهية الظالمين، فترى من سيكرهون؟ أم تريد أن نستغفل أنفسنا ونطلق محبتنا على كارهينا؟ كيف لك أن تتجاهل بنيامين نتانياهو اليمينى المتطرف وهو جالس على رأس الحكومة الإسرائيلية، وتقول: حالة السلام مع إسرائيل حقيقية ولن تحدث حرب بيننا وبين إسرائيل ولا بعد 500 سنة، إلا فى حال وصول اليمين المتطرف وإلغائه اتفاقية السلام، نحيط سيادتكم علما بأن السيد نتانياهو وتابعه ليبرمان اليمينيين المتطرفين مازالا فى الحكومة الإسرائيلية، كما ننبه سيادتكم بأن الحرب التى تستبعدها لا تشترط بالضرورة حشد الجيوش أو إلغاء المعاهدات، لكن أشكالها تتجلى فى مواقف كثيرة أقلها حالة الكراهية التى نلتها بجدارة جزاء مواقفك التى لا تبغ منها إلا البهتان.
كان مبدعا فصار بضاعة، وكان مسرحيا سامقا، فصار مسرحية هزلية، وكان وقوراً فصار قاراً، وكان شيخا فصار شبحا، وكان عليا بحمله همومنا فصار متدنياً بتزلفه لأعدائنا، وكان سالما فصار معطوباً، فرحم الله من "كان" ثم "ما كان".
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة