من بين كل التجارب الحزبية تقف تجربة حزب الكرامة كشاهد على مدى تعنت لجنة الأحزاب أمام الموافقة على أحزاب جديدة.
يسعى مؤسسو الحزب منذ سنوات أن يعملوا تحت مظلة الشرعية الحزبية، لكن لجنة الأحزاب وكعادتها لا ترحب بضخ أحزاب جديدة قد تؤدى إلى حراك فى الحياة السياسية، والشاهد على ذلك رفضها لحزبى الكرامة والوسط، ومبرر الرفض جاهز وهو عدم شمول البرنامج على جديد، وبهذا المنحى تنصب لجنة الأحزاب نفسها كواصٍ على رجل الشارع، الذى من شأنه وحده أن يحدد ما إذا كان برنامج أى حزب صالحاً أم لا، والمفارقة أن الرفض يتم فى نفس الوقت الذى توافق فيه لجنة الأحزاب على أحزاب ورقية لا يعرفها أحد، مؤكدة بذلك أنها تعمل بنظرية "العدد فى الليمون".
اختار مؤسسو "الكرامة" الطريق الأصعب، لكنه الصحيح فى تأسيس أى حزب، فهم يعتمدون على أن شرعيتهم السياسية تأتى من الشارع، وبالتالى بدأوا فى بناء كيان له هياكل قيادية وهيئة برلمانية (ثلاثة نواب فى البرلمان) وجريدة أسبوعية، ويقومون بعقد مؤتمرهم العام بانتظام، ويحترمون لائحتهم التنظيمية التى تنص على التجديد الدائم فى الأماكن القيادية، بهدف عدم احتكار السلطة لفترات طويلة، حتى لا يصاب الحزب بالأمراض السياسية المعروفة، وفى الصدارة منها مرض الشللية القادر وحده على تدمير أى حزب.
آن الأوان أن تغير لجنة الأحزاب جلدها السميك الطارد لأى تجربة حزبية جادة، آن الأوان لها أن توافق على حزبى "الكرامة" و"الوسط" وتترك رجل الشارع وحده يقرر لهما ما يريد.