د.فوزى حتحوت

بعد أن هدأت العاصفة

الأحد، 15 نوفمبر 2009 07:11 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أرادوا لها أن تكون مهمة حربية، وليست لعبة رياضية يستمتع فيها الجماهير بالمهارات الجماعية والفردية لأعضاء كل فريق، كانت المهمة الانتصار فقط وليس الاستمتاع بمهارات اللعب، واشتعلت فجأة المعركة بين دولتين إسلاميتين عربيتين أفريقيتين ومن شمالها، واحتدت المنافسة بشكل وصل إلى أن يمنع موظف جزائرى بمصلحة عقود الزواج، زواج جزائرية من مصرى حتى يوم 14 نوفمبر!!، حتى تضع اللعبة أوزارها، وكأنها المعركة الحربية على الأبواب؛ ما هذا العبث، ما هذا التطرف، لقد استخدم المتشددون كافة الوسائل لتأجيج الوضع سواء من قبل بعض الفضائيات أو الصحف أو مواقع عبر الإنترنت وصولاً إلى رسائل الهاتف الجوال، وكأن الشمس لن تشرق من بعدها، على أحد البلدين، وكأن صاعقة من السماء ستلحق الدولة الخاسرة فى هذه المباراة، ومحاولات من المعتدلين لتهدئة الأوضاع وامتصاص حالة الاحتقان التى سيطرت على الكثير من مشجعى كلا الفريقين، وترتيبات أمنية مشددة وإرشادات إعلامية وصحفية وفضائية عن المهارات والأسلوب اللازم للانتصار، وكأن البلد كله مدربون وخبراء، وهو ما زاد المهمة مشقة على اللاعبين، وأدخلهم المباراة محملين بعبء نفسى غير طبيعى.

بالـتأكيد كان الوقوف بجانب فريقنا المنتخب المصرى أمراً لا خلاف عليه، ولكن الطريقة التى أدير بها التأجيج والحشد والحرب النفسية القائمة فى بعض المستويات جد أمر خطير، فلا يقبل أن نفقد عقولنا ونأجج المشاعر، كأنها معركة حياة أو موت، وليست كرة قدم فيها الروح الرياضية والأخلاقية هى حاسم حقيقى لمستوى تحضرنا، ومدى تقبلنا للآخر، واحترام آماله ورغباته أيضًا.

إن التأهل لمونديال كأس العالم كان يحتاج منا فى الأساس التروى واللعبة الواثقة وحسن التخطيط والقوة والتمتع بمستوى مهارى رفيع وهدوء نفسى، وليس الشحن الزائد عن الحد.

لقد أخذت هذه المعركة الكروية مصطلحات وأسماء عديدة تزيد من الشحن والتأجيج والإثارة ما بين الفريقين، بدءًا بمعركة المصير ومرورًا باليوم التاريخى، ووصولاً إلى أم المعارك، واشتعلت المعركة بشكل كاد يوشك على التأثير على العلاقة ما بين شعبى البلدين، ويحول كل منهما أمام الآخر إلى عدو يرغب فى مهاجمته، ولو وصل به إلى حد الموت والإهانة، ما هذا التضخيم والافتعال الزائد الذى يفرغ كل شىء من موضوعيته، وينزع عن العقل رداء الفكر السليم، ويحول مباراة رياضية إلى معركة حربية، ما بالنا أنها مباراة رياضية، وحتى وإن كانت أحلام المونديال كانت تراودنا، فيلزم ألا تصل إلى حرب بين دولتين؛ وكأن هناك حق مغتصب ومنزوع يستشهد فيه من يستشهد من المناضلين والمدافعين لاسترداد الحق المهضوم.

على المتشددين أن يدركوا أن مباراة مصر والجزائر ليست نهاية المطاف الكونى، بل هناك العديد من العلاقات سواء على المستوى الرسمى أو الشعبى، فكلا الشعبين تربطهما علاقات نسب ومصاهرة وصداقة، فعلينا أن نكون كباراً بأخلاقنا ومعاملاتنا.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة