حينما هل علينا وباء أنفلونزا الخنازير بغموضه ورعبه، تعاملت وزارة الصحة المصرية مع الأمر وكأنها مسئولة عن صحة مواطنى دولة سويسرا.. كثير من الأرقام المعلنة، كثير من الاحترام فى التعامل مع مخاوف الناس، كثير من التعاون مع وسائل الإعلام، كثير من الجولات الوزارية .. وحتى تلك النقطة توقف الجزء الخاص بدولة سويسرا، وبدأت الوزارة فى التعامل معنا كما يتعامل ضابط شرطة فى قسم بولاق مع الباعة الجائلين، حيث توقف دور الوزارة فى منطقة التوعية عند تلك النقطة التى أخبرونا فيها بضرورة غسل الأيدى بالماء والصابون، وفى الوقت التى كانت الدنيا فى أمريكا مقلوبة بسبب تأخر تطعيم المواطنين بالمصل المضاد لأنفلونزا الخنازير كانت وزارة الصحة فى مصر تبشرنا بأن السادة الوزراء ونواب البرلمان تم تطعيمهم والحمد لله، وفى الوقت الذى يخرج بيان الوزارة لوسائل الإعلام وهو فخور بنسب الشفاء من المرض، يتلعثم لسان وزير الصحة ويصاب بالخرس حينما نسأله عن الأسباب الحقيقية لوفاة 8 حالات جمعيها يتمتع بصحة جيدة وجميعها أكد أهلهم على وفاتهم نتيجة الإهمال لا نتيجة أنفلونزا الخنازير.
عادت وزارة الصحة إلى عادتها القديمة وبدأت تمارس الكذب علنا، وتمارس حالة طناش عامة تجاه كل الشكاوى الرسمية والودية التى أكدت على عدم جاهزية المستشفيات المصرية لاستقبال وعلاج الحالات المصابة، حتى أصبح الخوف السائد فى الشارع المصرى هو خوف من المستشفيات أكثر منه خوفا من الوباء، ولما لا والوزير الدكتور الجبلى اعترف بنفسه بإهمال أطباؤه كما حدث فى مستشفى إمبابة، وممرضات العباسية اعترفن بأنفسهن أيضا بأنهن يتعمدن تسريح المواطنين من المستشفى لتخفيف الضغط بغض النظر عن كون إصابتهم صحيحة أو مجرد اشتباه.
الغريب أن الدكتور حاتم الجبلى ترك كل هذه الكوارث ووضع كل هذا الفشل على جنب، وتوقف ليخوض معركة لإخراج أحد الأسماء المتوفاة من قائمة موتى أنفلونزا الخنازير، على اعتبار أن وفاته جاءت بسبب تعاطيه دواء خاطئا، وهى معركة إصرار وزارة الصحة على خوضها لا يعنى سوى أن السيد الوزير ومن معه يعشقون الاستهبال، لأن الطالب الصغير الذى اكتشف أهله إصابته بالفيروس لم يجد أبواب مستشفى الحكومة مفتوحة لكى تنقذه، ولم يجد طبيب فى مدرسته ليقدم له روشتة علاج محترمة، ولم يجد سوى طبيب فى عيادة خاصة لا يخضع لرقابة الوزارة ، ولم تخبره الوزارة أن هناك مجموعة من الأدوية ممنوع للمصابين بالفيروس تناولها..
استهبال وزارة الصحة لم يتوقف عند هذا الحد فقد واصلته ببيان رسمى أعلنت فيها عن إمكانية قيام معامل التحليل الخاصة بالتحليل للمواطنين الذين يشتبهون فى إصابتهم بالوباء، وحتى هنا كان الأمر طبيعى إذا اعتبرنا أن الوزارة أدركت أخيرا واعترفت أن مستشفياتها غير قادرة على مواجهة تفشى الوباء.. ولكن لهجة البيان الرسمية تغيرت وكأن سيادة الوزير تخيل نفسه يعيش فى سويسرا أو يلقى بيان على رجال أعمال الحزب الوطنى أو سكان "بيفرلى هيلز" حينما حدد سعر تحليل أنفلونزا الخنازير فى المعامل الخاصة من1200 جنيه إلى 1500.
طبعا دعك من فكرة أن "اللى مبيشفش من الغربال هو أعمى البصر والبصيرة" لأن تلك هى سمة مسئولين بلدنا، الذين يحكمون بلدا ولا يعرفون أن ملايين الأسر فيه لا يعرفون كيف يبدو شكل الألف جنيه وهى مجتمعة فى أستيك..اللهم إلا عبر شاشة التليفزيون وركز مع بقية البيان المجنون الذى أصدرته وزارة الصحة والذى يقول ببساطة أن أى "عطسة" داخل أى بيت مصرى ستكون تكلفتها حوالى 6 آلاف جنيه إذا كانت الأسرة ملتزمة بتعليمات "ماما كريمة واسأل استشير" ولا يزيد عدد أفرادها عن أربعة، لأن أى "عطسة" لأحد أفراد الأسرة يعنى بالضرورة خضوع الجميع لتحليل سريع خوفا من العدوى والإصابة بالمرض.
هذا الجنون يمكنك أن تضعه على جنب، وتنظر إلى جانب النصب فى الموضوع والملايين التى ستجمعها المستشفيات ومعامل التحليل الخاصة، وهو أمر واضح مدى التلاعب فيه إذا نظرنا للتسعيرة التى تقول بأن التحليل قد يكون ثمنه 1500 أو 1200 وهو تضارب فى الأسعار يعكس نية تجارية بحتة يمكنك أن تتأكد منها من تصريحات المسئولين فى وزارة الصحة نفسها والتى أطلقوها مع بداية المرض ليؤكدوا فيها أن أخذ عينة لتحليلها واكتشاف إذا كانت مصابة بفيروس أنفلونزا الخنازير، لا يتجاوز تكلفتها حوالى 100 جنيه للفرد ..
هل تريد منى تعليق على ذلك .. آسف فأنا لا أملك سوى أن أقول حسبى الله ونعم الوكيل فى وزارة الصحة ووزير الصحة وتجار الصحة وكل جاهل ونصاب يتلاعب بصحة ومخاوف الناس.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة