لا يستحق الأديب الكبير بهاء طاهر الترشيح لجائزة نوبل وفقط، وإنما يستحق الفوز بالجائزة عن جدارة، وحسنا ما فعلته مؤسسة الأهرام بترشيحها للأديب الكبير للجائزة مع الكاتب المغربى طاهر بن جلون بناء على طلب من محمد سلماوى رئيس اتحاد كتاب مصر .
بهاء طاهر شاعر الرواية العربية، وأحد كبارها الذين يمسكون باللحظات الفارقة فى تاريخنا المعاصر، ويجعلها محطات توزيع لعالمه الروائي، ومنها يأتى بالحالمين الذين عاشوا أمل الانتصار وظنوا أن خطوة واحدة تفصلهم عنه، لكنهم يستيقظون على ضياع كل شئ، فيملكهم الانكسار ويتحولون الى مجرد ذكرى .
يقفز الانكسار الى المشهد فى روايات بهاء، " وقالت ضحى "، و" الحب فى المنفى " وجسدت الأخيرة حلم ثورة يوليو 1952، ثم تحطمه بفضل أسباب كثيرة، أما فى روايته الرائعة " واحة الغروب " فيأتى الانكسار من فشل الثورة العرابية، تلك الثورة التى تحطمت أيضا على صخرة الخيانة .
فى هذه الروايات وغيرها من أعمال بهاء طاهر التى تستند على عكاز التاريخ، يؤكد بهاء على ان الخيانة فعل ممتد، وهو الفعل الذى يجهض لحظة أى عمل ثورى ايجابي، والذى ينتج عنه شروخا غائرة فى نفوس البشر فتعيدهم الى طرح أسئلة ظنوا فى لحظة التوهج أنهم امتلكوا الاجابة عنها، ولأن بهاء يمسك كل ذلك بمشرط التشريح النفسى والاجتماعي، نجد أنفسنا فى كل سطر روائى يكتبه، وكأنه المبدع الذى وهبه الله القدرة على ان يجمع مأساة شعب وأمة فى صفحات روائية جميلة تأخذنا الى كل مناطق القلق فى النفس البشرية التى يشكل قلقها عوامل سياسية واجتماعية .
بهاء طاهر يستحق نوبل بل هى تتشرف به، لكن موقفه الصلب من الصراع العربى الصهيونى الذى يرى فيه أنه صراع وجود وليس صراع حدود، قد يكون عاملا مضادا له، فالجائزة لا يفصل محكموها هذا المنحى عنها مهما قيل عن شفافيتها.