فى حلقة مثيرة خصصتها قنوات الحياة ودريم ومودرن سبورت، مساء الاثنين وحتى صباح الثلاثاء، عن مباراة مصر والجزائر، تفرد الإعلامى وائل الإبراشى بوجهة نظر ترمى إلى المستقبل فى العلاقات بين البلدين، محذرا من التخريب الذى يتم ممارسته من بعض الإعلاميين فى الصحف والقنوات الفضائية فى الطرفين، والتى تستهدف مسح تاريخ طويل فى العلاقات، تصب فى الضرر الذى نشاهده الآن..
وبقدر ما كان الإبراشى موفقا، غاب التوفيق عن كل من الكاتب والمحلل الرياضى محمود معروف والإعلامى مدحت شلبى، وتفرد محمود معروف من بين الكل بإطلاق نعرات تصب الزيت على النار التى لا ينقصها شيئا حتى تزداد اشتعالا، ووصل الأمر من معروف بتحدى وائل حين طالب بالكف عن استخدام تعبير "إحنا وهم" ، فرد عليه معروف صائحا :" لأ .. إحنا وهم"، وتحول الأمر إلى مباراة بالمتاجرة بحب مصر بالحديث عن قيام جزائريين بحرق العلم المصرى..
ورغم محاولة الإبراشى التحدث عن أن هذا من الممكن أن يحدث من قلة لا تعبر فى كل الأحوال عن عموم الشعب الجزائرى ، وقوله إن هناك تجاوزات حدثت أيضا فى الإعلام المصرى، وصلت إلى حد اتهام أحمد شوبير بالخيانة لأنه سافر إلى الجزائر، فى خطوة تحسب له لا عليه، إلا أن معروف بدا على وجهه الضيق وكأن الإبراشى الذى طالب بالهدوء والتعقل ليس من فصيلة الذين يحبون مصر. ومن جانبه حاول مدحت شلبى نفى ما قاله الإبراشى عن الهجوم على شوبير، لكن شوبير أكده.
كانت الحلقة وبرغم من محاولة اقترابها من الموضوعية، إلا أنها فى هذه الجزئية تحديدا لم تكن موفقة على الإطلاق، وبدا فيها الإبراشى وكأنه من كوكب آخر، وحتى لا يبدو هذا الشطط مقتصرا على الجانب المصرى، فإن وسائل الإعلام الجزائرية تتحمل هى الأخرى نصيبها من المسئولية فى إثارة جمهورها بأكاذيب، فضمن ما كشفت عنه المباراة ، عدم معرفتنا فى مصر بالصحف الجزائرية بما فيه الكفاية.
وأعتقد أن عدم المعرفة يمتد إلى باقى صحف دول المغرب العربى، نعرف الصحف اللبنانية، ونعرف الصحف العربية التى تصدر فى المهجر، ونعرف الصحف الخليجية، لكن صحف المغرب العربى بعيدة عن دائرة اهتمامنا، ربما يكون ذلك أحد جوانب القصور التاريخى فى التواصل بين المشرق والمغرب، وها هى مباراة كرة قدم تطلعنا بتوسع على صحيفة جزائرية كبرى هى "الشروق" ، يقول عنها البعض إنها تماثل صحيفة الأهرام فى مصر من ناحية التأثير فى الرأى العام، وحتى أكون موضوعيا أعترف بأننى لا أعرف ما إذا كانت هذه المقارنة صحيحة أم لا، ومع ذلك فإنها فعلت أشياء فى متابعتها للمباراة تستحق التوقف كثيرا..
كتبت الجريدة عناوين بائسة وكاذبة فى عددها الصادر بعد مباراة مصر والجزائر فى استاد القاهرة والتى انتهت بفوز مصر بهدفين، تحدثت "الشروق" دون حقيقة عن قتلى وجرحى جزائريين فى مصر بعد المباراة ، وقالت فى أحد المانشيتات:"دخلوا مصر آمنين وخرجوا منها مصابين وقتلى"، ونتج عن هذه الأخبار الكاذبة غضب جزائرى أدى إلى احتشاد متعصبين جزائريين ضد مصريين مقيمين فى الجزائر، ووصلت درجة التعصب حد حصار البيوت والتهديد بالقتل، وحكى بعض العائدين إلى القاهرة تفاصيل محزنة، لكن بعضهم قال للإنصاف إن جزائريين أيضا هم الذين ساعدوهم فى العودة والهرب من المخاطر التى واجهتهم.
تتحمل "الشروق" المسئولية الأولى فيما حدث، لأنها قالت أخبارا كاذبة، والغريب أن بعض زملاء المهنة من الصحفيين الجزائريين، حين استضافتهم هاتفيا بعض القنوات الفضائية مثل دريم والحياة، لم يدينوا هذا الكذب والافتراء المهنى، بل قالوا إن "شهود عيان" هم سندهم فى كتابة ما حدث، ولأن كتابة خبر يحمل أنباء عن حوادث قتل هو مسئولية كبرى وخطيرة ، كان لابد لـ" الشروق " الجزائرية أن تدقق فيما كتبته، وتستخدم أبسط وأهم القواعد المهنية، وهى التأكد من أخبارها من مصادر متعددة، وليس شهود عيان فقط هم مشحونون فى الأصل.