اختلف مع الأستاذ منير الذى تساءل فى تعليقه أمس: كيف يكون هناك نقطة توازن مع القوى المستبدة؟ فهو سؤال استنكارى، بمعنى أنه يتضمن استحالة الوصول إلى توازن بين أطراف متصارعة، وهذا غير صحيح، فكل القوى المستبدة، سواء كانت سياسية أو قوى مجتمعية، يمكن دفعها دفعا إلى النهج الديمقراطى السلمى، لأنها صاحبة مصلحة فى التفاوض مع الأطراف الأخرى لتحقيق أقصى قدر من مصالحها، وإذا لم يكن بيدنا حتى الآن تغيير وزيرى التعليم بطريقة ديمقراطية، فيمكننا تنظيم القوى صاحبة المصلحة فى التطوير والتغيير، ناهيك عن الوصول فيما بينها إلى نقطة توازن، ليس فقط فى العلاقة مع الوزارة .. ولكن حتى فى العلاقة فيما بينها.
فهناك تعارض مصالح بين أولياء الأمور وبين المدرسين، فحتى نقلل ما يدفعه أولياء الأمور فلابد أن يتأثر دخل المدرس، ومعه دخل مُلاك المدارس والوزارة. وحتى يزيد دخل إداريو التعليم لابد من زيادة العبء على مُلاك المدارس، وعلى الحكومة التى تمول التعليم من أموال دافعى الضرائب، أى من الممكن أن تضطر إلى زيادة الضرائب لحاجتها إلى مزيد من التمويل .. ما أقصده أن الصراع ليس فقط مع الحكومة، ولكن بين أطراف أخرى من بين المواطنين.
ناهيك عن قوى أخرى غاية فى الأهمية، وهى الطلبة، فهى طرف أساسى فى الصراع، وفى الحقيقية هى مثلها مثل المدرسين وأولياء الأمور، الأشكال التنظيمية التى تعبر عنها أجهضتها، بدلا من أن تساهم فى تنظيمها والدفاع عن مصالحها، فاتحادات الطلبة فى المدارس والجامعات، إما تسيطر عليها أجهزة الأمن أو البيروقراطية أو تيار سياسى يحولها عن مسارها الأصلى ويهدر طاقتها فى أمور لا علاقة لها بها.
إذن الحل الوحيد فى تقديرى هو التفكير الجدى فى تأسيس تنظيمات حرة للتعبير عن أصحاب كل مصلحة، ولا أقصد هنا أن نؤسس نقابة واحدة بديلا عن نقابة المعلمين، ولكن أن نترك حرية تأسيس التنظيمات لمن يشاء فى ذات المجال، أى يكون لدينا العديد من الروابط الحرة للمدرسين على سبيل المثال، ويجمعها فى النهاية وبإرادة أعضائها اتحاد على أساس ديمقراطى.
لو حدث هذا سنضمن تفعيل القوى صاحبة المصلحة فى التغيير، وبالتفاوض السلمى فيما بينها ستصل حتما إلى نقطة توازن، ليس فيها منتصر ومهزوم، ولكن تتضمن الحد المعقول من مصالح كل طرف.. وبهذا يكون هناك مسار لتطوير التعليم فى بلدنا.
موضوعات متعلقة:
الرعب من التعليم
مواجهة الرعب
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة