نشر لى أحد مواقع الإنترنت حواراً حول موضوع معين، وبالطبع فتح الموقع باب التعليقات لمن يريد، وعلى الفور قام أصحابها بتسجيل آرائهم وانطباعاتهم التى انقسمت إلى فئتين:
إحداهما توافق وتمتدح، والثانية تعترض وتنفعل، وكان مما لفت نظرى فى هذه الفئة الثانية أنها تركت الموضوع الأصلى، وراحت تصب غضبها على شخصى الضعيف! وتفاوتت الأوصاف من النعت بالجهل حتى استنزال اللعنات!، وتساءلت: لماذا كل هذا الانفعال والموضوع قابل للصواب والخطأ، والآراء يمكن الاختلاف حولها، ورفضها بكل بساطة عند ظهور عدم صحتها أو حتى ضعفها، بدلاً من أن نسب صاحب الرأى ونقذفه بأبشع ألفاظ السباب، ويبدو بالفعل أن إتاحة تلك المساحة فى المواقع الإلكترونية للتعليق على الكتاب قد أصبحت ساحة، يتدنى فيها المعلقون إلى مستوى غير أخلاقى، بل ومن الممكن جداً أن يعرضوا أنفسهم إلى مساءلة قانونية قد تنتهى بهم إلى الغرامة أو السجن.. إننى مؤمن تماماً بحق إبداء الرأى سواء للكاتب أو للمتلقى، ولكن كما أن الكاتب معروف الاسم والعنوان وملتزم من الناحية الأدبية والأخلاقية، فينبغى أن يقابل ذلك ضرورة التعريف الدقيق باسم المعلق وعنوانه، هذا من واجب الموقع. أما واجب المعلق فهو أن تكون لديه الشجاعة الأدبية لكى يفصح عن نفسه بدلاً من التخفى وراء أسماء مستعارة، أو ألقاب مجهلة من مثل "قارئ ناصح" أو "فاعل خير"، وهذا يجعلنى أشبهه بمن يقف فى الظلام ثم يوجه لكمة لإنسان ويختفى.. إن الحرية تعنى العمل فى النور، وهذا العمل ينبغى أن يركز على الآراء والأفكار دون أن يسىء إلى الأشخاص، لأن الإساءة إلى الأشخاص بهذا الشكل ليست سوى نوع من الجبن، واستغلال لمناخ الحرية الذى يتيحه التطور الإلكترونى الرائع فى عصرنا الحديث.
أذكر أننى نشرت مؤخراً مقالاً عن التناقض الصارخ بين ما يوجد فوق هضبة الأهرامات من آثار تبهر العالم بدقتها وروعتها، وبين مظاهر القبح والقمامة التى تنتشر فى شوارع الأحياء المحيطة بها فى شارع فيصل، ونزلة السمان.. وقد كتب أحدهم مُعلقاً على المقال بقوله: لقد كنت نائباً لرئيس جامعة القاهرة فماذا فعلت فى ذلك؟ وبالله عليكم: ما علاقة عملى هذا بالظاهرة التى أتحدث عنها؟! وما هى علاقة جامعة القاهرة بنزلة السمان، أو بشارع فيصل؟! أليس هذا نوعاً من فوضى الحرية المتاحة على مواقع الإنترنت، ولذلك فإننى ـ كعادتى ـ أدعو إلى حل حاسم يقضى على هذه الظاهرة تماماً، وهى أن يسجل المعلق اسمه وعنوانه بكل دقة و"شجاعة" لكى يتحمل مسئولية ما يكتبه، فإذا خرج عن الأصول المتعارف عليها تعرض للمساءلة القانونية من جانب الكاتب.. والله الموفق.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة