محمود طرشوبى

مشروع السلام الأمريكى.. بين استبدال الصراع وحتمية الحل الإسلامى

الجمعة، 20 نوفمبر 2009 07:14 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كشفت الإدارة الأمريكية برئاسة القديس أوباما عن أن أمريكا لا تختلف بين رئيس ورئيس فى إدارتها لمشكلة الصراع العربى –الإسرائيلى، وهذا واضح من خلال خطة أوباما للسلام، فبغض النظر عن إمكانية تحققها، هى خطة متكاملة تم تسريب بعض بنودها وما كان موضوع تجميد الاستيطان إلا لخطف الأنظار عن هذه الخطة.

ومما تم تسريبه من بنود هذه الخطة:
ـ ترسيم الحدود بين إسرائيل والكيان الفلسطينى على أن تكون المستوطنات خارج إطارها، اقتطاع مناطق من محيط وقلب القدس الشرقية لتبقى تحت السيطرة (الإسرائيلية)، ووضع المقدسات الإسلامية تحت إشراف وسيادة عربية وإسلامية من جانب، وسيطرة أمنية (إسرائيلية) من جانب آخر، مع ترتيبات خاصة بمشاركة دولية بشأن الأماكن المقدسة فى مدينتى القدس والخليل بشكل محدد.
ـ الإبقاء على الكتل الاستيطانية الكبيرة تحت السيادة الإسرائيلية والتفاوض بشأن المستوطنات الصغيرة.
ـ اعتبار المناطق المتبقية من أراضى الضفة الغربية مناطق منـزوعة السلاح مع سيطرة إسرائيلية على الأجواء، وامتناع السلطة الفلسطينية عن توقيع معاهدات أمنية وعسكرية مع دول أخرى، وتواصل التعاون والتنسيق الأمنى بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، والسماح ببناء مطار مدنى فى الضفة الغربية.
ـ إقامة أنفاق وجسور إضافية لربط مناطق الضفة يبعضها دونما احتكاك بين الفلسطينيين والمستوطنين.
ـ الاتفاق على استيعاب الكيان الفلسطينى الناشئ لأعداد من اللاجئين يتفق عليهم من لبنان تحديداً، وحل قضية باقى اللاجئين بالتوطين، وتسهيل سبيل الهجرة إلى الخارج.
ـ إحلال قوات دولية فى عدد من مناطق الضفة الغربية، خاصة فى الأغوار والحدود مع الأردن.
ـ حل كافة التنظيمات والفصائل الفلسطينية وتحويلها إلى أحزاب سياسية، وإنهاء القوى المتطرفة التى ترفض الانضواء تحت عملية السلام.

ومما تم تسريبه حول هذه الخطة أنه قد أشرف على إعدادها كوادر متخصصة فى شئون المنطقة غالبية أعضائها أمريكيون من أصل يهودى ضماناً لقبول إسرائيل لها، وذكرت بعض المصادر، أن الإدارة الأمريكية ناقشت بنود هذه الخطة بالتفصيل مع زعماء إسرائيل وأنجزوا معاً صياغتها مع اتفاقهما على طريقة الإخراج لتمريرها على الساحتين العربية والإقليمية.

ولذلك فهذه الخطة هى أفضل ما عرض على اليهود، ولذلك هى لم تلبِ أبسط تطلعات الشعب الفلسطينى، ويمكن اعتبارها خطة لتصفية القضية الفلسطينية، وقبل الإعلان عنها بدأت تظهر تصريحات لأوباما تذكر أنه "مع مقولة يهودية دولة إسرائيل» و«إن على العرب أن يخفضوا من سقف المبادرة العربية لتصبح مقبولة لدى إسرائيل»، و«مع تجاوز مسألة الانسحاب إلى ما قبل خط الرابع من حزيران سنة 1967 م لصالح حلول ابتكارية من نمط جديد»، و«مع التطبيع باعتباره جزءاً محورياً فى أى مشروع للتسوية منذ كامب ديفيد» و«مع خلق واقع جديد "غير التطبيع" يؤسس لفكرة التسوية عبر علاقات اقتصادية، وعلى هذا الأساس، ينظر الآن إلى هذه الخطة على أنها الحل السحرى الذى جاء به أوباما لحل شامل للصراع فى المنطقة، وباتفاقيات سلام دائمة بين إسرائيل وسائر دول المنطقة.

وهكذا بكل سهولة تريد أمريكا ودول أوروبا وإسرائيل أن يشطبوا قضية فلسطين ويضيعونها ويبدأون فى اصطناع قضية أخرى تجعل الصراع يقوم فيها بين دول المنطقة، وهو الصراع بين دول الممانعة ودول الاعتدال لكى تتحول دفة الصراع بين إسرائيل والدول العربية إلى صراع عربى عربى، تستفيد منه إسرائيل ويخسر فيه العرب والمسلمون.

ولكن هل قضية فلسطين هى قضية هامشية حتى يتم تجاوزها بهذه السهولة؟ وهل يمكن أن يرسم الغرب للأمة من هو عدوها ومن هو صديقها باتفاقيات وألاعيب بعيداً عن قضاياها الأساسية، وهل تظن أمريكا وأشياعها أن الأمة من الممكن أن تسلّم للسلطة المشكوك فى توجهاتها وتصرفاتها لكى يمثلونها فى حل قضيتهم الأساسية، إن قضية فلسطين قضية إسلامية لا تقبل الأمة حلها إلا عن طريق الإسلام، وإنها قضية مصيرية لا يمكن تحويلها إلى قضية ثانوية هامشية، والأمة تزداد تمسكاً بها وتماسكاً حولها والواقع يحدثنا بذلك.

إن القضية الفلسطينية لا يمثلها حكام المسلمين المفروضين على الأمة والمرفوضين منها، والذين تتحول أهمية القضايا عندهم تبعاً لمصالح أسيادهم وحفاظاً على رؤوسهم وعروشهم، إن القضية الفلسطينية تنتظر صلاح الدين من جديد، نعم تنتظر ذلك بلا مبالغة، لقد أثبتت هذه القضية أنها غير قابلة للحل خارج إطار الأمة الإسلامية، بالرغم من كل المؤامرات والخيانات، وبالرغم من كل المجازر وجرائم التشريد والمآسى التى تغطيها الأمم المتحدة بأوامر من الدول الكبرى، ومازال اليهود هم أول أعداء الأمة، بل وعداواتهم فى صعود دائم لا يوقفه كل ما يرتكب بحقها بل يزيدها إصراراً.

فأى سلام ستحمله مبادرة أوباما التى يلهث حكام العرب والمسلمين وراءها وهى تحمل من التنازلات الصريحة ما لم تحمله أى مبادرة قبلها، إن ما يخيف فى هؤلاء الحكام أنهم لا يمثلون قضايا أمتهم، بل لا يمثلون إلا أنفسهم، ولا يتقدم على الحفاظ على عروشهم أى مطلب، ويبقى الشك فيهم هو الأصل، والأنكى من ذلك أن بعض هؤلاء ينتظر بفارغ الصبر تغيّر وجه الصراع هذا، ويتمنى أن لا تطول هذه المرحلة الانتقالية، لأن التأخر ليس فى مصلحة بقائه على عرشه الزائف.

إن ما يرسم للمنطقة من وجه جديد للصراع، ويريد الغرب أن نكون فى المرحلة الانتقالية إليه، نتوقع بقوة ألا ينجح، وأن تطول هذه المرحلة بحيث يسبقها الله سبحانه وتعالى مناً منه وفضلاً، بمؤمنين مخلصين واعين يخلصون الأمة مما يكاد لها من أعدائها.

وإننا نلفت إلى أنه فى هذه الخطة الشيطانية التى يراد منها تحريف الصراع عن حقيقته، فإن كلاً من طرفى الصراع من دول المنطقة، سواء المحسوب منهم على خط الاعتدال أم المحسوب على خط الممانعة، كلاهما خائن يخوض فى دماء المسلمين، وهو تابع لطرف من أطراف الصراع الدولى.

نعم، إنه من المتوقع لهذه المرحلة، أن تطول بحيث لا تستطيع أن تجتاز أمريكا وكل العالم عقبتها، وإن على المسلمين الذين يعتبرون أن فلسطين هى قضية إسلامية بامتياز وليس عندهم غير ذلك، أن يعلنوا للعالم أجمع أن قضية فلسطين هى قضية إسلامية تماماً، وأنه لا يجوز التفريط بشبر واحد منها، وأنه لا يحق لأحد أن يعلن أنه الوصى الوحيد عليها.

إن زعماء إسرائيل يعملون بجد على اجتياز هذه المرحلة بسرعة من غير أى ثمن تقدمه بحجة ضرورة مواجهة العدو الداهم لها ولحكام دول المنطقة وهى إيران وامتداداتها وبحجة ضرورة الإسراع فى مواجهته، إننا نعلن أن المسلمين براء من هذا، فليست هذه قضيتهم، بل إن مثل هذه الخطة تصب فى خطة وإستراتيجية أمريكا للمنطقة وما يعرف عندها وعند إسرائيل بمشروع الشرق الأوسط الجديد.

إنه لن يحرر فلسطين وسائر بلاد المسلمين المحتلة، إلا بالعودة الصادقة إلى الدين وإلى إعلان راية الجهاد لتحرير فلسطين، وكل الأراضى المحتلة فى العالم الإسلامى.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة