كم بك يا مصر من المضحكات؟! ولكنه ضحك كالبكاء.. اخترق التطرف نخاع غالبية الشعب المصرى وأصبح كل شىء متديناً، فالساندويتش مؤمن! والمتجر مسلم! والسياسة مباركة! وتوغل التطرف فى أماكن العمل واقتصرت التعيينات على المسلمين فقط، بدليل أنه نادراً ما تجد قبطياً نال حقه فى التعيين والترقية، حتى أصبح عرف طبيعى عدم تعيين الأقباط فى مؤسسات الدولة المختلفة، حتى اضطر أحد الأطباء الوطنيين د.سالم أحمد سالم أستاذ طب الأطفال بكلية طب المنيا، رفض ضميره الظلم على تلميذته الدكتورة ميرا ماهر رءوف بعد رفض تعيينها فى منصب أستاذ متخصص بطب الأطفال جامعة المنيا لكونها مسيحية، فقدم استقالة مسببة محتجا على هذا الظلم الصارخ ضد العدل والإنسانية والأخلاق..
وهناك آلاف من حالات اضطهاد فج، فرفض تعيين الأقباط فى كل مجالات الدولة، منهم على سبيل المثال تقدم الدكتور المسيحى هانى خيرى بطب الإسكندرية باستقالته بعد تعنت رئيس قسم التخدير، وحدث لى شخصياً منذ الثمانينات أن تقدمت للعمل بوظيفة بشركة بتروجاز بالزيتون، ووقف اسمى حائلا للتعيين، بعد أن صرحت لى الأستاذة هالة "أننى نريد أمثالك بالطبع" بعد إجابتى الأسئلة فى دقائق معدودة، ولكن اسمى لم يعجب الأستاذ مصطفى، فمسألة عدم تعيين الأقباط لا تثير الحساسية لكونها أصبحت عرفا سائدا.
بعد منع الأقباط من التعيين فى القطاعات المختلفة بالدولة، وحرمانهم من الالتحاق بالأندية الرياضية، وحرمان المواهب البراعم القبطية من الالتحاق بالأندية الرياضيةـ اتخذ التطرف منحنى أكثر تطرفاً.
قديماً عبر الفنان القدير يوسف وهبى عن الشرف وأهميته فى قوله المأثور "لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى حتى يراق على جوانبه الدم". لم يسلم الشرف الرفيع من التطرف أيضا، وأصبح الشرف الرفيع يفرق بين المنتهك مسلم أم مسيحى!، وتختلف الجريمة والفاحشة باختلاف دين فاعلها، وما حدث فى ديروط بعد تصوير شابة ماجنة مسلمة عارية مع شاب قبطى ماجن يؤكد ذلك، فقد ثار مسلمو ديروط ليس لكون الفتاة ماجنة!! بل لكونها مارست الفحشاء مع شاب قبطى! فقام الغوغاء والدهماء بحرق بيوت الأقباط وسرقة وتخريب محلاتهم وهجموا على كنائسهم، بل ذبحوا فاروق نهرى أبو الشاب الماجن القبطى فى عرض الشارع وفصلوا رأسه عن جسده بيد أسامة محمود وعدلى حسين، وسط التكبيرات. وبالطبع لأن القتيل قبطى أمرت المحكمة بعرض القاتلين على طبيب نفسى لينالوا البراءة أو العقاب المخفف.
نفس المشهد تكرر فى ملوى بمحافظة المنيا، فمنزل الفاحشة تدخل فيه فتيات يتخفين فى النقاب وسط صمت كل الجيران، لم يجزع الشرفاء بالحى لوجود بيت للفاحشة بين ربوع المنطقة!! ولكنهم ثاروا حينما شاهدوا شابين قبطيين ماجنين يدخلان البيت ليمارسا المجون والفجور والانحطاط الأخلاقى كالآخرين، فهجموا على الشابين وضربوهما بالسكاكين ثم اتجهوا لبيوت ومحلات الأقباط ليسرقوا ويحرقوا ويعيثوا فى الأرض فساداً انتقاماً لشرفهم.
إن المتتبع لقرى ومحافظات مصر يتأكد أن مصر تحترق شيئاً فشيئاً، فالتطرف اخترق نخاع الشعب المصرى وأصيب العامة بتبلد ذهنى وخلقى فهم لا يُنتقمون للشرف.. بل لكون العشيق أو الماجن قبطيا والشابة مسلمة... الحل إذن يكمن فى وضع لافتات على مناخر المحروسة "ممنوع دخول الأقباط " حماية للشرف.. مسموح للمسلمين فقط .
ربما نتجنب جانبا من جوانب الاقتتال الطائفى فى المحروسة!! أليس هذا الحل منطقيا؟!!
ننهى بذلك القول المشهور للراحل يوسف وهبى "لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى..." يسلم الشرف الرفيع من الأذى إن كان الفاعل مسلما فقط!!يا مصر كم بك من المضحكات ولكنه ضحك كالبكاء... مع رجائى من الآن فصاعداً وضع خانة الديانة ملاصقة لجانب الجنس بالبطاقة الشخصية.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة