أن يبلغ إنسان 94 عاما من العمر ويناقش رسالة دكتوراه، فهذا يعنى أننا أمام قدرة إنسانية فذة تقوم على الإصرار والتحدى، والقدرة على العمل والبحث الفكرى دون توقف حتى لو وهن العظم، وبلغ الرأس شيبا.
فعلها فريد عبد الخالق أحد الذين عاصروا حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، وكان سكرتير الجماعة معه، ورغم بلوغه من العمر 94 عاما ناقش يوم الثلاثاء الماضى رسالته للدكتوراه بعنوان: "الاحتساب على ذوى الجاه والسلطان"، والتى بدأ فى إعدادها منذ عام 1964، وبعد 45 عاما ناقشها، مما أغرى الفقيه القانونى والمفكر الدكتور سليم العوا بالتعليق عليها وعلى صحابها قائلا: "صاحب الرسالة ضمن الدخول فى موسوعة جينس للأرقام القياسية بعد تخطيه الرقم القياسى لأكبر شخص ناقش الدكتوراه فى العالم".
وبعيدا عما احتوته الرسالة من قضايا فكرية، فإن أعظم ما فيها هو ضرب المثل والقدوة لكل إنسان فى تحدى الظروف التى قد تعرقل مشروعه العام، والقدوة فى أن العطاء لا يتوقف على سن معين، وأن الإدراك الصحيح لبداية العمر ونهايته يقود الإنسان إلى أنه خليفة الله فى الأرض بعمله الصالح، والصلاح يمتد حتى تصعد الروح إلى بارئها.
اختار فريد عبد الخالق موضوع رسالته من الداء السياسى الذى يحاصرنا وهو، حق كل مواطن عربى ومسلم فى مساءلة رئيسه وحكومته، وأن هذه المساءلة تبدأ من الاختيار الصحيح للحاكم العدل، ورغم أن هذا المعنى لا يختلف عليه تيارات سياسية تتناقض مع فريد عبد الخالق من زواية انتمائه إلى جماعة الإخوان، والتناقض فقط يأتى من كيفية تفعيل ذلك وعلى أى أرضية يتم، أقول رغم ذلك فإن القيمة الكبيرة لحدث الرسالة هو عمر صاحبها وإصراره على إنجازها، فى وقت لن يضيف لقب "دكتور" إلى عمره أى جديد، ولهذه الاعتبارات ورغم أننى سياسى أختلف مع جماعة الإخوان المسلمين، لكن ما فعله الشيخ الدكتور فريد عبد الخالق يستحق الإعجاب والتقدير، وبالتالى فإن التحية له واجبة.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة