اندهش عدد كبير من المصريين حينما وجدوا شاشات الفضائيات العربية خالية من أى أخبار عن الاعتداءات الوحشية التى تعرض لها الجمهور المصرى فى السودان والعاملون المصريون فى الجزائر، وفوجئ أغلب الجمهور المصرى المتابع لفضائيات الجزيرة والعربية وغيرها بتجاهل واضح لما تعرض له المصريون من بلطجة، وأصابت الصدمة أغلبهم حينما اكتفت قناة الجزيرة -التى تجعل من أخبار مصر مادتها الرئيسية- بـ7 كلمات تطير سريعا فى شريط الأخبار لتقول للجمهور العربى إن هناك مناوشات بين الجمهور المصرى والجزائرى فى السودان.
الصدمة المصرية فى فضائية الجزيرة كانت صعبة خاصة بالنسبة لجمهورها فى مصر والذى تابع رد فعل القناة العنيف واهتمامها الشديد قبل عدة أيام تجاه التمثيلية الجزائرية حول تعدى المصريين على الأتوبيس الخاص باللاعبين، وهى القصة التى لم تمل فضائية الجزيرة من التعليق عليها ومناقشتها باعتبارها حدثا إجراميا وسوء ضيافة من المصريين.
نحن هنا لسنا فى موقف تقييم لأداء فضائية الجزيرة لأن الإخوة هناك يرون أنفسهم فوق التقييم، كما أننا لا نجيد تقييم الإعلام حينما يكون مخلوطا بالمصالح الشخصية وممزوجا بأوامر أهل السياسة فى الدوحة، ولا نحب التعليق على أداء إعلاميين يعملون بالريموت كنترول. صحيح لدينا قطاع عريض من الجمهور المصرى يثق فيما تبثه الجزيرة، وصحيح أن الجزيرة تمتلك من الإمكانيات المادية والبشرية ما يجعلها متميزة، وصحيح أننا فى مصر لا نملك فضائية إخبارية قادرة على منافستها حتى الآن رغم أن صناع مجد الجزيرة إما من حملة الجنسية المصرية أو تعلموا كيف يفتحون التليفزيون فى مصر، وصحيح أن فضائية الجزيرة تنقل للمصريين ما يحرمهم منه إعلام الحكومة طالما يخدم أهداف مموليها، ولكن فى اللحظة التى ستقرر فيها المنظومة المصرية أن تفتح بابا أوسع للإعلام المصرى فلن يكون للجزيرة مكان على أى «رسيفر» داخل أى بيت مصرى.. لأن المصريين بفطرتهم لا يحبون الكذابين ولا يصدقون المنافقين، وأعتقد أن الصدمة التى أصابت المصريين حينما شاهدوا كيف تعاملت فضائية الجزيرة مع أحداث أم درمان بصورة جعلت من أمر كذب ونصب وزيف هذه الفضائية أمرا واقعا، خاصة حينما نضيف إلى كل ذلك الحالة الفريدة التى تعيشها تلك الفضائية الأغرب فى العالم، ففى الوقت الذى تفتح الجزيرة شاشتها لتغطية كل الأحداث فى الوطن العربى تمتنع وبشكل غريب عن تغطية ما يحدث على أرض الدولة التى تصدر منها، وفى الوقت الذى تعتمد فيه الجزيرة الردح مبدأ إعلاميا لكل الأنظمة العربية، لا يحصل السيد أمير قطر إلا على الحلو من الكلام وكأن قطر هى جنة الله فى أرضه، ورغم أن تلك الحالة واضحة للجميع لا أعرف لماذا يصدق أى مشاهد منزلى ما تعرضه شاشة يعلم هو باليقين مدى نفاقها لحاكم الأرض التى تبث من عليها؟ فهى فضائية إذا تحدثت عن الوضع السياسى فى قطر كذبت، وإذا ائتمنها المشاهد على نقل حقيقة الأخبار مثلما حدث فى السودان تخونه بوقائع مزيفة، وإذا عاهدت جمهور شاشتها بطرح الرأى والرأى الآخر نصبت عليه وقدمت له ما قبضت ثمن عرضه، وإذا خاصم أهل الحكم فى قطر شخصا ما أو نظاما سياسيا فجرت هى فى معاداته.
صدقونى ما شاهدته على قناة الجزيرة تعليقا على أحداث مباراة مصر والجزائر لا يمكن التعامل معه سوى بهذا العنف حتى يعرف كل واحد مقامه، فإذا كان الإخوة فى قناة الجزيرة يتكلمون عن الإعلام الحر والإعلام المتميز فتلك بضاعة يروجون لها شفهيا، أما البضاعة الحقيقية التى يبيعونها للناس فى الوطن العربى فهى إعلام النصب والعوالم ولا شىء آخر، فلقد ترك صبيان العوالم «صاجاتهم» التى يعلقون بها عادة على الأحداث الساخنة ولجأوا إلى الهدوء والتكتم والكذب، معتبرين أن تلك البلطجة التى مارسها «عربجية» الجزائر على الجمهور المصرى فى السودان مجرد أحداث شغب كروية عادية، هكذا صدر صبيان العوالم فى قناة الجزيرة الحدث، وهكذا ظهرت شماتتهم فى مصر بعد الخسارة، وهكذا اندهش بعضهم من رد فعل الجمهور المصرى المحترم الذى لم يعتبر الخسارة آخر الدنيا وقدم التحية للاعبيه.
للأسف أيها السادة فى قطر نعتذر كثيرا لأننا خذلناكم، كنتم تتخيلون أننا سننام ودموعنا على خدنا، أننا سنذبح أبو تريكة ورفاقه فى صالة استقبال المطار، غافلين عن أن الجمهور المصرى أصبح يعلم تماما أنه جمهور كبير فى بلد كبير، قد يحزن لهزيمة، ولكنه لا يعتبرها أبدا نهاية المطاف.
محمد الدسوقى رشدى
إذا تحدثت كذبت وإذا ائتمنها الجمهور خانته
فضائية الجزيرة.. تفجر فى العداوة!
الثلاثاء، 24 نوفمبر 2009 12:25 م
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة