الإعلامى والمذيع الشهير أحمد سعيد رئيس إذاعة صوت العرب فى الفترة من عام 1954 حتى عام 1967، واحد من القليلين فى مصر الذين يفهمون الجزائر، ويعود ذلك إلى سنوات الخمسينيات من القرن الماضى، حيث بدأت علاقته بالجزائر عام 1954، وهو العام الذى تعرف فيه على الزعيم الجزائرى أحمد بن بيلا، زعيم الثورة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسى، وأول رئيس جزائرى بعد الاستقلال، وقدم سعيد بن بيلا إلى المخابرات المصرية، وأصبح الملف بعد ذلك فى أيد فتحى الديب، سافر أحمد سعيد إلى الجزائر كثيرا فى منتديات واحتفالات سياسية وثقافية، كما أنه يعرف جيدا الرئيس الجزائرى عبد العزيز بوتفليقة منذ عام 1962.
توجهت إلى أحمد سعيد أملا فى تفسير ما يحدث الآن بين مصر والجزائر.
قال أحمد سعيد إن المسئولية الأولى فيما حدث تقع على وسائل الإعلام بين البلدين، فهما حولا المنافسة فى مباراة كرة قدم إلى منافسة فى السياسة، دون فهم أن هناك متربصين من مصلحتهم خلق توتر بين البلدين، وقال إن بعض وسائل الإعلام فى البلدين لم تراع أى حرمات وخصوصية وكان هابطا بامتياز، فهو عمل باستراتيجية التفريق وبث الفتنة، وأضاف أن ترك الإعلام بهذا الشكل يعبر عن شىء خبئ فى نفس المسئولين فى البلدين، لا يعرفه غيرهما.
وأشار سعيد إلى أن الأجيال الجديدة فى الجزائر لا تعرف حجم العطاء المتبادل بين البلدين فى مراحل سابقة، فمصر وقفت إلى جانب الثورة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسى، والجزائر وقفت إلى جانب مصر فى حرب أكتوبر.
وأضاف أن الوضع فى الجزائر نجهل عنه الكثير خصوصا فيما يتعلق بالهوية، مشيرا إلى أن اللغة الأمازيغية وبعد اعتبارها لغة رسمية إلى جانب العربية بعد استفتاء شعبى، واجهت مشكلة تتمل فى أنها لغة منطوقة وليست مكتوبة، وحين قرروا تحويلها إلى لغة مكتوبة اختاروا الحروف اللاتينية لها، فيما يعنى أن ثقافة الأجيال الجزائرية الجديدة من الأمازيغ وهم غالبية ستزداد قربا من الفرنسية وليس العربية، ومع وجود اللغة الفرنسية كلغة ثانية فى الجزائر، ربما تصبح اللغة العربية مع مرور الوقت مجرد لغة للصلاة وقراءة القرآن ليس أكثر، وفى حالة حدوث ذلك سيترتب عليه ضعف فى الانتماء العربى.
ويؤكد أحمد سعيد أن هذا الوضع تغذيه قوى استعمارية خاصة فرنسا نتيجة أطماع تاريخية لها فى الجزائر، وينبه الإعلامى الكبير إلى أن هناك أطرافا خارجية تحاول خلق صراع بين الأمازيغ والعرب داخل الجزائر، وترغب هذه الأطراف فى الوصول بالصراع إلى درجة يمكن معها تقسيم الجزائر، وهذا مخطط استعمارى قديم يتجدد مع الضعف العربى العام.
ويشير أحمد سعيد إلى أنه ورغم أن بوتفليقة رمز الدولة الجزائرية باعتبار موقعه الرئاسى، إلا أنه لا يجب النظر إليه على أنه يعمل وحيدا، فهناك أصحاب نفوذ فى هيكل السلطة الجزائرية، والعسكر أهمهم على الإطلاق، ويجب وضع ذلك فى الاعتبار.
وينتقد أحمد سعيد عمل الدبلوماسية المصرية فى الجزائر، مشيرا إلى أنه وفى عام 2002 شارك بدراسة فى ندوة بالجزائر افتتحها الرئيس بوتفليقة حملت عنوان: "دعم الكلمة المسموعة والمقروءة للثورة الجزائرية"، يضيف سعيد أنه بعد جلسة الافتتاح جاءه الرئيس بوتفليقة للسلام عليه، وأثناء وقوفه سويا حضر شخص مصرى لا يعرفه للسلام على الرئيس، وأثناء السلام قال له بوتفليقة: "أنت مش باين ليه"، ويضيف سعيد علمت أن هذا الشخص هو السفير المصرى فى الجزائر، فنصحته بالتواصل مع بوتفليقة وعدم الانقطاع عنه، وفى المساء _ يضيف سعيد _ لاحظت غياب السفير عن الندوة رغم أهميتها وحضور آخرين من السفارة، وفى جلستى معهم علمت منهم أن السفارة غائبة عن أنشطة جزائرية كثيرة.
وأخيرا يؤكد أحمد سعيد على ضرورة مراعاة خصوصية الدولتين تاريخا وسكانا، ويستنكر أى لغة عبثية تطول الشهداء فى البلدين، فهؤلاء مع النبيين والصديقين، ولهم قدسية لا يصح أن يعبث بها الجاهلون.