تناول الكثير من المفكرين والكتاب ما تشهده جماعة الإخوان المسلمين من أحداث متعددة، بنظرات تحليلية مختلفة، فمنهم من تحامل على أصحاب هذا الفكر وكيل لهم الاتهامات، ومنهم من اتهم الجماعة بالشيخوخة والدخول فى مرحلة غيبوبة حركية، ومنهم من أكد أن ما يحدث للجماعة فى المرحلة الحالية مجرد فرقعة إعلامية لكسب مزيد من الوجود الإعلامى، ووصل الأمر ببعضهم لاتهام هذه الجماعة بعقد صفقة مع النظام لتمرير ملف التوريث، ودلل على ذلك بإنهاء ملف قضية التنظيم الدولى الأخير.
ثم وجدنا أن هناك موجة جديدة شنها بعض المنشقين عن الجماعة تستهدف تشويهها، ووصل الأمر بهم إلى أنهم اتهموا قياداتها بتزوير انتخابات مكتب الإرشاد ومجالس الشورى بالجماعة.
إن تصاعد موجات الهجوم على الإخوان تستهدف وصول رسالة للمجتمع المصرى أن هذه الجماعة شاخت ومستقبلها أصبح فى خطر، وهنا أريد أن أوضح مجموعة من الحقائق التى تظهر بوضوح لكل من ينتسب لهذه الجماعة ويغفلها الكثير من غير العالمين ببواطن الأمور بها ومنها ما يلى:
* إن من يؤكدون أن جماعة الإخوان قد شاخت يبحثون عن وهم لن يجدوه، لأن الشباب يمثلون أكثر من 85% من جسد هذه الجماعة، كما أنهم يشغلون أكثر من 90% من المناصب القيادية بها، وهناك امتزاج بين الأجيال المختلفة داخل هذه الجماعة فالأسرة الإخوانية الواحدة يتمثل بها معظم الشرائح العمرية، ويتواءم الجميع فيها.
* هناك تماسك كبير فى التنظيم الداخلى للإخوان ويحكم قواعد العمل بالداخل قوانين ثابتة لا يستطيع أحد التلاعب بها، لأن الشفافية والوضوح ظاهر للجميع، كما يحرص الجميع شيبة وشباب على تفعيل هذه القوانين والثوابت، كما أن هناك ثقة لا حدود لها من الأفراد فى القيادة.
* إن من ادعوا أن هناك تزويرا يجرى فى بعض مناصب الجماعة بعيدا كل البعد عن مجريات الأمور، فالكل داخل الإخوان يهرب من المسئولية، ويخشى أن يصل لمنصب يحاسبه الله عليه، ولو أجرى استطلاعا بين من تولى أى منصب قيادى داخل هذه الجماعة سيجد معظمهم رافضا له خوفا من تبعاته الأخروية، كما لابد أن يعلم الجميع أن شخصا يتولى مهمة فى الجماعة الآن لم يصل له إلا باختيار أفرادها.
* إن من يحاولون أن يصفوا إنهاء ملف قضية التنظيم الدولى بالصفقة بين الإخوان والنظام بعدوا كثيرا عن الواقع، فالنظام لن يسمح بأى ود بينه وبين الإخوان، لأنه يعلم جيدا أنه البديل له فى الشارع، كما أن الإخوان لو كانوا من هواة الصفقات لعقدوها فى ظروف أسوأ من ذلك أثناء ما علق علماؤهم على أعواد المشانق فى عهد جمال عبد الناصر، أو اختاروا التدين الأسهل الذى يركز على المظهر الخارجى ورقائق القلوب ويهتم بإصلاح محدود لا إصلاح شامل، ولم يتبنوا مشروعا شاملا لمناحى الحياة.
* كما لابد أن يعلم الجميع أن الإخوان المسلمين ليسوا ملائكة وليسوا منزهين، فهم كالبشر وارد الاختلاف بينهم، كما وارد أن تحدث بينهم بعض المشدات، ولكنها سرعان ما تنتهى، لأنها ليست من أجل مصالح شخصية أو فئوية، ولكنها اختلافات رؤى حول مصلحة الجماعة.
*إن الساحة الإخوانية شهدت فى الآونة الأخيرة خروج بعض الشباب عن المألوف فى معالجة بعض القضايا الإخوانية، وهم لا يمثلون نسبة تذكر فى شباب الجماعة، وما حدث ذلك إلا بسبب عدم نضج هؤلاء الشباب تربويا، وتأثرهم بالجو السياسى فى مصر الذى يظلله الغيوم، كما عودت الجماعة أفرادها على الحرية المطلقة فى التعبير عن آرائهم، ودفعت هذه الحرية هؤلاء الشباب لاتخاذ بعض المواقف المخالفة للجماعة، ولكن بعد توضيح الأمور فى النقاط الخلافية عاد الكثير منهم لجماعته.
* على العقلاء بمصر أن ينزلوا جماعة الإخوان المسلمين منزلها الصحيح، ليس بسبب الدور الوطنى الذى لعبته منذ مطلع الثلاثينات وحتى الآن، لكن لأنها حمت مصر من فكر العنف وقاومت التطرف، وأعطت للشباب المقبل على التدين نموذجا معتدلا، كما أنها حرصت على ممارسة دورها السياسى تحت مظلة القانون والدستور، وذلك بالرغم مما تعرضت له من ضغوط أمنية وسياسية ومحاكمات عسكرية، ولعل شهادات المنصفين لها سواء أكانت بالداخل أو الخارج خير دليل على مكانة هذه الجماعة.
* وأخيرا لابد أن يعى الجميع أن تطوير هذه الجماعة، وتدعيم وجودها، وإعطائها حقها فى الظهور الرسمى – خاصة أن الشعب منحها ثقته بصورة أكدتها نتائج الانتخابات البرلمانية الماضية – سيصب فى مصلحة مصر ومستقبل الديمقراطية.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة