حسب ما أعلنه الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل مستشار الرئيس السودانى، عبر منابر إعلامية عربية، جاءت الموافقة المصرية للتهدئة مع الجزائر مشروطة بثلاثة اعتبارات، هى التهدئة الإعلامية وتعويض المصريين عن الخسائر وعودة العلاقات الطبيعية بين البلدين الشقيقين.
أول ما يلفت النظر فى المعايير المصرية للتهدئة، هو تغلب العقل على العاطفة، وتدخل الساسة بمواقفهم للارتفاع عن الانسياق وراء الجماهير ومشاعرهم وانفعالاتهم الغاضبة، وهو ما كان بارزا فى الخطاب المصرى خلال الأيام الماضية، عندما كنا لا نفرق بين كلام مسئول سياسى وكلام الناس المنفعلة فى الشارع، البعض سيقول إن الخطاب السياسى والإعلامى الجزائرى غلبت عليه – ومازالت- الغوغائية والتشنج والتجاوزات المسفة، أقول، ولكن دورنا ومكانتنا كانت تفرض التعامل مع هذه التجاوزات بالتنبيه والتحذير والإيلام بأدوات الساسة لا بأدوات العامة، حتى وإن كنا نواجه بأساليب العامة والغوغاء فى وسائل الإعلام الجزائرية وعلى ألسنة السياسيين، والفرقاء راكبى موجة شتم مصر للحصول على تأييد وهمى من الشارع الجزائرى.
لكن الحمد لله، على نعمة تغلب الخطاب السياسى عندنا على الخطاب العامى الانفعالى، وتبقى السيطرة على بعض الجالسين على المصاطب أمام ميكروفونات البرامج الرياضية بالفضائيات، دون وعى أو تأهيل أو فهم لمعنى أن يظهر بنى آدم على الهواء مباشرة أمام الجمهور، وإذا كانت شهرة لاعبى كرة القدم المعتزلين تدفع بهم مباشرة إلى ممارسة العمل الإعلامى، من باب الاستفادة بطلتهم لجلب الإعلانات لأصحاب القنوات الخاصة، فمن باب أولى أن يعلمهم أصحاب هذه القنوات فضيلة ربط ألسنتهم، خصوصا أن هذه الفضيلة لها مزايا قانونية منها: قفل باب القضايا والغرامات على القنوات وأصحابها والبرامج ومقدميها و"اللى فاتحينها"، كما أن لها مزايا سياسية، أبرزها عدم تسميم العلاقة بين دولتين شقيقتين بينهما تاريخ مشترك من الكفاح المشرف ضد الاستعمار الأجنبى ومواجهة مشتركة للعدوان الإسرائيلى، وعلاقات اقتصادية وثيقة دون طنطنة أو زعيق.
من ناحية أخرى، تتسم الشروط المصرية الثلاثة للتهدئة مع الجزائر بالموضوعية والاتزان، وهى للحق موصولة على المستوى الرسمى بمحاولات قبل مباراة السودان، لكن الإخوة فى الجزائر خصوصا روراوة وشركاه فى اتحاد الكرة الجزائرى وحجار وشركاه فى السفارة الجزائرية فى القاهرة كان لهم رغبة وإرادة فى التصعيد خوفا على مناصبهم من ناحية، ورغبة فى اكتساب شعبية فى شارع مأزوم من ناحية ثانية، وأخشى من عناد الإخوة فى الجزائر بخصوص تعويض المصريين عن الخسائر الاقتصادية التى لحقت بهم وبمنشآتهم، خصوصا أن أنباء ترددت فى الصحف الجزائرية تنكر أى اعتداءات على المنشآت الاقتصادية المصرية هناك رغم ثبوت الاعتداءات صوت وصورة.
إذن، هل تنجح الوساطة بين الدولتين؟ الكرة فى الملعب الجزائرى.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة