بعد وفاة الحالة 20 بأنفلونزا الخنازير رسميا. يكون الوباء دخل مرحلة الخطر الشديد. مع الأخذ فى الاعتبار أن الإحصاءات تعتمد على الحالات المعروفة، بينما الحالات خارج البلاغات قد تكون أضعاف هذه الارقام. مصر دخلت مرحلة الوباء بشكل كبير، بعد شهور من التحذيرات، وهى أخطار متوقعة اقتربت خطوة بخطوة.وعلى الهواء . ومع أننا يفترض أخذنا خبرة العامل مع الوباء بعد سنوات تعاملنا فيها مع أنفلونزا الطيور. فما يحدث من وزارة الصحة والتعليم، يبدو محاطا بالأمراض والعيوب التى أصابت نظامنا الصحى. حيث يبدو الاهتمام فى المستوى الأعلى لوزارة الصحة، بينما الحال فى الأقاليم والقرى، خارج دوائر الاهتمام.
وزارة الصحة تؤكد طوال الوقت أن الوفيات من بين مرضى الامراض الصدرية والمزمنة والخطيرة، وهناك مصادر طبية ـ وإن كانت غير رسمية ـ تؤكد أن هناك وفيات خارج الإحصاء، لا يتم الإبلاغ عنها، ولا أخذ عينات منها وبالتالى لا يعرف أنها توفيت بالوباء. واعتادت وزارة الصحة وهى تعلن عن الوفيات أن تعدد الأمراض التى يكون المتوفى مصابا بها، وكأنها تقول إنه كان يجب أن يموت بدون أنفلونزا.
لقد عرفت مصر أوبئة من قبل مثل الكوليرا، كانت تفاجئ الناس. و لم تكن أجهزة الاتصال بهذا التقدم، اليوم الوباء والتصريحات والاعلانات كلها على الهواء ولحظة بلحظة، مما يجعل الأمور أكثر رعبا حتى لو كانت أكثر وضوحا.
الخطر الحقيقى هنا والذى يضاعف من تأثير الوباء، يأتى من المتربحين والتجار، الذين أحالوا الأمر إلى تجارة، فى السوق السوداء. صنعت أنفلونزا الخنازير كغيرها من الاحداث نجوما كثيرين، بعضهم يفتى بدون علم، أو يركب الموجة بحثا عن أضواء. وطبعا قيادات منظمة الصحة العالمية و شركات الدواء أصبحوا فى الصورة، وبجانبهم تجار المنظفات والكمامات والأمصال.
ولا أحد يعلم إذا كانت النصائح الطبية ساهمت فى التخفيف من انتشار المرض، وهل لكمامات تقلل بالفعل من العدوى والإصابات. المؤكد أن شركات الكمامات والمطهرات والأمصال والأدوية حققت مئات المليارات من الأرباح بفضل ظهور أنفلونزا الخنازير. وأيضا بفضل القرارات الاحتكارية التى تظن وزارة الصحة أنها تقلل من عمليات الاتجار بالمرض، فإذا بها تفتح بابا لتجارة رائجة، وسوق سوداء لاتعرف بالرحمة. ولاتعرف غير الربح.
هناك تحقيقات وكلام عن صفقات الكمامات المسرطنة التى صرفتها وزارتا الصحة والتعليم لبعض مدارس الغربية ويقال إنها تسربت إلى الإسكندرية والبحيرة وبعض محافظات الوجه البحرى، فهل يمكن أن تصل الجهات الرقابية فى تحقيقاتها إلى الفاعل والفاعلين. هناك من يتاجر بكل أزمة أو مصيبة، ولا يهمهم أن يموت الناس أو يعيشوا طالما هم يحققون الأرباح، وهؤلاء يتمنون أن ينتشر الوباء ويتضاعف حتى لو كان يهددهم. والرابحون من الأزمة هم فى الواقع الأكثر خطرا من الفيروس. ولا يهمهم أن يتنفس الأطفال فى المدارس هواء ملوثا بالكيماويات، ويمارسون القتل العمد.
وما يحدث فى الكمامات والمنظفات وغيرها يبدو بشكل أسوأ فى الأدوية فأدوية التاملفلو التى تزعم وزارة الصحة أنها تحتكرها من أجل ألا تتحول إلى تجارة، وقد تحولت بالفعل إلى تجارة فى السوق السوداء ويباع التامفلو فى السوق السوداء بـ400 جنيه، وأحيانا أكثر بالرغم من أن السعر 75 جنيها. ويجب أن يراجع وزير الصحة قراره، الذى أدى إلى ذلك. ونفس الشىء بالنسبة للمصل وغيره. لقد تحول الأمر كله إلى تجارة للموت واتجار بالمرضى وهذا هو الأخطر من الوباء نفسه. لأنه رضى أسرى لجماعة من التجار، يستغلون قرارات الحظر.
ويفترض أن تكون خطة وزارة الصحة تدريبا للأطباء على التعامل مع المرض، مثلما يحدث فى كل وباء، وأن تكون المستشفيات العامة ولمركزية قادرة على التعامل مع الوباء وألا ينتظر المريض الخط الساخن او التعليمات والأرقام الوزارية.
هناك كلام عن اللجنة العليا لمواجهة انفلونزا الخنازير، التى لا يعرف أحد عنها شيئا، ونعرف أن اللجنة العليا لأنفلونزا الطيور، كان من بين أعضائها، من يتاجر فى الأمصال، ويحقق أرباحا، باستيراد أمصال فاسدة وغير فاعلة. وبالتالى فإن غياب الشفافية يجعل المواطنين تحت رحمة تجار لايعرفون سوى الربح. فهل تسفر اللجنة العليا عن اعضائها؟ وماذا يفعلون حتى لا يصبح التجار هم الذين يبيعون الوباء، من أجل أن يبيعوا العلاج؟