أعرف أن الاستفتاء الشعبى بحظر بناء المآذن فى سويسرا سيثير نوعا من الغضب الزائف عندنا، سيخرج علينا من يتباكون على الاستهانة بالمسلمين وشعائرهم، وهناك من سيرى فى قرار الحظر عنصرية واستهدافا للمسلمين وحدهم دون غيرهم من الملل والنحل، كما أن هناك من سيشعل النار فى القرار رابطا بينه وبين الرسوم الدانماركية المسيئة للنبى صلى الله عليه وسلم، و أعرف أن عديدا من الفضائيات ستجد فى الخبر فرصة للخروج من كسل العيد وكساده الإخبارى عملا بمنطق رزق ونزل علينا من سويسرا.
الملفت أيضا بخصوص هذا الموضوع، ما صرح به فضيلة الشيخ على جمعة مفتى الديار المصرية أمس الأحد، وقوله إن نتيجة الاستفتاء فى سويسرا بمنع بناء المآذن، "إهانة" للمسلمين فى كل أنحاء العالم، كيف يا فضيلة المفتى؟ أجاب: "نتيجة الاستفتاء ليست إساءة طفيفة للحرية الدينية، إنها أيضا إهانة لمشاعر الطائفة الإسلامية فى سويسرا وسواها".
هنا لابد لنا من وقفة توضيحية قبل أن يبدأ التباكى والغضب الزائف وتقطيع هدوم الغرب العنصرى:
- أولا، حظر بناء المآذن جاء نتيجة استفتاء شعبى حر بين كل السويسريين، اختار فيه 57% منهم منع البناء بينما اختار43% الاستمرار فى البناء، ولأن الاستفتاء يعبر عن رأى الأغلبية تم الأخذ به
- ثانيا الاستفتاء لم يكن على حظر بناء المساجد، وإنما على المآذن وميكروفوناتها بأصواتها التى قد تبدو مزعجة لغير المسلمين
- ثالثا – نحن فى مصر نعانى الأمر نفسه وأعنى بناء الزوايا والمصليات تحت العمارات لأغراض نفعية مثل التهرب من دفع فواتير المياه مثلا، مع تعليق الميكروفون الشهير فى أى جانب وصعود أى أحد للآذان أيا كانت درجة صوته وقبحها، الأمر الذى دفع وزارة الأوقاف عندنا إلى وضع مشروعا لتوحيد الأذان.
- رابعا وهو الأهم، لنتكلم بصراحة، إذا اعتبرنا حظر بناء المآذن فى سويسرا بناء على استفتاء شعبى نوعا من العنصرية والإهانة للمسلمين فى كل بقاع العالم، ماذا نقول عن التضييق فى بناء الكنائس فى مصر وجميع الدول العربية والإسلامية، لدرجة منع بناء الكنائس فى مناطق معينة فى بلادنا العربية، ومنع بناء دور للعبادة لبعض الديانات التى نختلف معها مثل البهائية مثلا، وماذا لوطلبت الصين أو اليابان أو الهند بناء معابد للبوذيين والكونفوشسيين أو السيخ أو الزرادشتيين مثلا؟ ماذا سيكون موقفنا؟
أرى أن لدينا موقفا عنصريا استعلائيا تجاه أصحاب الديانات الأخرى، لا نراه عيبا وندافع عنه، بينما نطالب العالم أجمع باحترام شعائرنا الدينية بحسب تفسيرنا نحن لها ،حتى لو كانت تؤذى الآخرين، وإذا أردنا الوقوف على أرضية واحدة، لنعتمد مبدأ المواطنة الحقيقية، ولنسمح ببناء دور العبادة لجميع الأديان دون استثناء، وساعتها يكون من حقنا وصف الاستفتاء الشعبى السويسرى بالعنصرية.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة