محمد الدسوقى رشدى

المرشح النووى يتحدى مبارك.. ولكن بخجل!

الجمعة، 06 نوفمبر 2009 04:20 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أجمل ما فى مسألة ترشيحات الانتخابات الرئاسية، أنها ستحرك ولو قليلا هذا الجو السياسى الراكد الذى تعيشه مصر، "وبالمرة" تثبت أن هذا النظام الحاكم نجح وبشكل منقطع النظير فى أن يجعل البلد الذى كان يفرخ كل يوم قائدا، حائرا كل هذه الحيرة فى البحث عن بديل يكفيه شر شمولية الحزب الوطنى، وملل بقاء نفس القائد "طالما كان فى قلبه نبض"، كما قال هو بنفسه.

الانتخابات الرئاسية الماضية، أى منذ 5 سنوات فقط، كانت الأولى التى تعايش فيها المصريون مع فكرة وجود أكثر من مرشح لكرسى الرئاسة، وكانت تجربة كوميدية بكل المقاييس، لأنها كشفت وأكدت أن التعديل الدستورى الذى أتاح اختيار رئيس الجمهورية بين أكثر من مرشح، والذى يعتبره الرئيس مبارك من أهم إنجازاته لن يكون سوى مجرد ورقة "نبلها ونشرب ميتها" طالما ظلت الأحزاب السياسية على حالها، تعانى من الضعف والوحدة وكونها جزءا ديكوريا من النظام الحالى، فالعقل يقول إن حزبا سياسيا غير قادر على تنظيم مؤتمر بدون إذن أمن الدولة، يصبح بالتالى غير قادر على اختيار مرشحه للرئاسة إلا بعد الحصول على إذن من الجهة التى تحرك جهاز أمن الدولة.

وبعد مرور خمس سنوات والاقتراب من التجربة الثانية من اختيار رئيس الجمهورية من بين متعدد، فإن مصير التجربة الماضية معرض للتكرار، وفى رأيى أن الضجة التى تثيرها المعارضة والصحف حول اختيار أسماء لمنافسة مرشح النظام الحالى الذى سيكون بكل تأكيد الرئيس مبارك، نوع من حلاوة الروح ومشاركة شرفية فى مسرحية السيناريو الخاص بها معد سلفا وتهلل له الصحف، لكى تكتمل زينة تلك الزفة..

والكلام السابق يعنى باختصار ما أنت تفهمه..أن الانتخابات القادمة لن أقول إنها مسرحية ولكنها لا تعدو كونها خطوة جديدة تساهم فى تجهيز البلد وأهل المعارضة فيها للمواجهة الحاسمة مع هذا النظام، وعلى هذا الأساس لابد أن تتعامل المعارضة حتى نستفيد ونستعد، وأى كلام آخر يدخل تحت بند الضحك على الجمهور بدليل أنه حتى هذه اللحظة لم تتفق الأحزاب والحركات السياسية والنخبة على شخص بعينه تتعهد بدعمه، بل لم تتفق هذه الأحزاب والحركات على ما إذا كانت ستتعاون مع بعضها أم لا.

الكلام السابق لا يعنى التقليل من هؤلاء الذين يقودون زفة ترشيح الدكتور محمد البرادعى الذى تجرأ أخيرا وتكلم، مكتفيا بمجرد تلميح قال فيه للصحف الأجنبية إنه قد يفكر فى مسألة خوض انتخابات رئاسة الجمهورية، لأن عمليات الترشيح المستمرة هذه ستساهم بقوة فى غربلة الشخصيات العامة فى مصر وتعريف الناس فى الشارع بها للوقوف فى النهاية على أسماء قد تصبح إضافة قوية للعمل السياسى وتمنح جبهات المعارضة فى مصر الثقل السياسى الذى تبحث عنه، مما يؤهلها للمنافسة فى جولات قادمة.

ما أقصده أن كلام الدكتور البرادعى لو كان "بجد" سيعنى أن مصر اكتسبت شخصية عامة ذات ثقل يمكنها أن تبث الروح فى الأحزاب التى تعانى من نقص حاد فى الأسماء اللامعة والبراقة وذات القبول الشعبى، ولن يعنى أبدا أن هناك منافسا قويا قادرا على مواجهة مرشح النظام الحاكم فى الانتخابات القادمة.. العقل والمنطق يؤكدان على ذلك، لأننا حتى هذه اللحظة لا يمكن أن نأخذ تلميحات الدكتور البرادعى على محمل الجد، فالدكتور مازال "يتشرط" ويطلب ضمانا بأن تكون الانتخابات نزيهة، وهو طلب تحقيقه فى يد الدكتور البرادعى أكثر مما هو فى يد النظام، لأن تأثيره وقوة حملته وقوة وجوده الشعبى وتماسك صفوف المعارضة من خلفه هى التى ستدفع العالم كله وليس المصريين فقط للتأكد من كون الانتخابات نزيهة أم لا..

وهى الأشياء التى لا يملك الدكتور البرادعى منها أى شىء حتى الآن، فلا نعرف إلى أى حزب سينتمى الدكتور، ولا نضمن أن الأحزاب المصرية ستجتمع على قلب رجل واحد، ثم هل هناك حزب فى مصر الآن قادر على التأثير فى الجماهير، أو على إدارة حملة انتخابية قوية؟ وهل يملك الدكتور محمد البرادعى القاعدة الشعبية الكافية؟ وإلى متى سيظل الدكتور مترددا فى إعلان موقفه النهائى؟ وهل ستكفى سنة أو هذه الشهور القادمة لإقناع الناس فى مصر بشخصية البرادعى؟ خاصة وأنه ليس من أصحاب تلك الكاريزما التى يجتمع الشعب المصرى حولها دون النظر إلى برامج أو خريطة عمل.

وهل يملك الدكتور البرادعى أى مؤهل يمكنه المرور به إلى قلوب المصريين بخلاف جائزة نوبل؟ وهل يعلم الدكتور البرادعى أن الشعب المصرى يبحث عن ماهو أكثر من الجوائز؟ ثم وهو السؤال المهم: هل يعرف الدكتور البرادعى حالة الأحزاب السياسية وحركات المعارضة فى مصر؟ وهل هو مقتنع بفكر أحدها أو طريقة إدارتهم للأمور مع النظام؟ وهل يعلم أن تقييمه كمرشح رئاسة لن يتم بمعزل عن الحزب الذى سيترشح على اسمه؟ وهل يعرف كيف ينظر المصريون إلى هذه الأحزاب جميعا؟

كل هذه الأسئلة وأكثر منها تحتاج إلى إجابات واضحة من الدكتور البرادعى قبل أن يحدد ما إذا كان سيرشح نفسه أم لا، وهى أسئلة ليست سهلة لأنها تحتاج إلى إجابات قاطعة وحاسمة وليس مجرد تلميحات أو جس نبض أو خجل.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة