يأتى كل وزير جديد شاهرا سلاح التجديد، والحديث عما يفعله فى وزارته من جديد، ولو قمنا بمراجعة كل ما قاله أى وزير جديد، سنكتشف أنه يتعامل مع المنصب، وكأنه أول الجالسين عليه، فلا وزير سابق عليه وضع سياسات وتصورات وقدم إنجازات.
المفترض فى أى حكومة تحترم نفسها وشعبها، أنها تسير وفقا لبرنامج سياسى واقتصادى واجتماعى تتصدى لتنفيذه، وإذا حدث أى تغيير فى طاقم الحكومة، فمن الطبيعى أن الوافد الجديد إليها يستكمل ما بدأه سلفه، لأنه لم يكن يغرد فى السرب وحده، ولم يكن ينفذ سياسة طبقا لمزاجه الخاص، ومن هذه الخلفية يأتى التعجب من الوزراء الذين بمجرد أن يجلسوا على كرسيهم، لا يتذكرون أبدا ما فعله السابقون، ويتحدثون وكأن فى أيديهم اليمنى حلولا سحرية لكل الأزمات، وفى اليسرى نكران لأى إيجابية فعلها السابقون، ومن الطبيعى أن يكون ذلك من ضمن الأسباب التى تؤدى إلى فقدان الثقة من الناس فى أى تعديل، خذ مثلا الوزير المحترم أحمد جويلى الذى تولى وزارة التموين، وخرج منها بعد أن تولى الدكتور عاطف عبيد رئاسة الحكومة خلفا للدكتور كمال الجنزورى، بدأ جويلى أثناء عمله وزيرا للتموين فى وضع اللبنات الأولى لقانون منع الاحتكار، وعاصرت بنفسى الجهود التى كان يبذلها فيه، وكان يتيح لنا كصحفيين ممن يتابعون نشاطه الاطلاع على جانب من هذه المناقشات، وبعد خروجه من الوزارة انتقل الملف إلى الدكتور يوسف بطرس غالى، ثم انتقل إلى رشيد محمد رشيد، بوصفه وزيرا للتجارة والصناعة، حتى تم إقراره من مجلس الشعب، وطوال هذه الرحلة نسى الكل أن أول من طرح فكرة القانون، وأول من وضع سطر فيه هو الرجل المحترم أحمد جويلى.
قد يكون نموذج أحمد جويلى مختلفًا بعض الشئ، لكنه فى كل الأحوال ينتمى إلى فصيلة نكران الفضل التى قد نجدها نحو الذين فعلوا وخرجوا، وحتى لا يفقد الناس الثقة فى كل شىء، نتمنى أن يأتى اليوم الذى يتحدث فيه الوزير الجديد عن أن سلفه أنجز، كذا وكذا، وأنه جاء لاستكمال هذا الإنجاز، وسيضيف عليه.