وليد طوغان

ولم تكن هى الحقيقة!!

الثلاثاء، 01 ديسمبر 2009 07:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
وصدرت أخيرا مذكرات الرائع فان جوخ نشرتها هولندا وألمانيا وإنجلترا لكن كثيرين فى أوروبا ودوا لو قرؤها بالهولندية ..لغة فان جوخ . فالترجمة عادة ما لا تنقل لا المعانى ، ولا الكلمات ، ولا المفردات التى تحيكها اللغة الأم .

تعذب جوخ كثيرا، وهو لم يقصد أن يكتب مذكراته إنما أخوه ثيو احتفظ بـ 900 خطاب منه، حكى فيهم عن إحساسه بالثورة داخل نفسه حتى رسم أشهر لوحاته "أكلوا البطاطس" . وأخذت دور النشر أصول تلك الخطابات من حفيدة أخوه .

هو لم يبع لوحة واحدة خلال حياته، وفى جواباته قال إنه يشعر أن الذى يرسمه لا يجب أن يباع . وقال إن الذى يود أن يعرف الحياة عليه أن يرسم ثم يدقق فيما رسم، ثم يمزق الأوراق التى رسم عليها .. ويعيد الرسم مرة ومرة ومرة من الذاكرة.

لماذا ؟
ليعرف أن الحياة التى نحياها لا يمكن تقليدها، وليكتشف كم هو غبى ذلك الإنسان الذى مزق اللوحات بيده ..فى الوقت الذى يزعم فيه أنه متحضر، وراق .. وذو حس وذوق.

لم يكن يعلم فان جوخ أن ما يكتبه لأخوه، سوف يكون بعد عشرات السنين هو التاريخ الوحيد لرسام، اعترف فى حياته أنه مجنون .. واقتنع الناس بعد وفاته بهذا.

العبقرية هى التى جعلت منه شخصا خارقا للعادات والنواميس والأخلاق أيضا . فقد كان عنيفا صعب العشرة .. غريب الأطوار .

ولم يكن منظما . عشوائيته فى تفكيره، ونظرياته .. وطريقة حياته هى السر فى الخلافات الشديدة بينه وبين صديقه الرسام الرائع أيضا جوجان.

جوجان كان يرى الفن والحس اكتساب، وأن تذوق الجمال تدريب، لذلك فكر فيما يشبه الأكاديمية، وطلب من فان جوخ الاشتراك معه فى أن يعلما الناس كيف يرون العالم جميلا .. وكيف يستفيدون من هذا الجمال.

لقد كان جوجان رتيبا، منمقا إلى حد ما مقارنة بصديقه.

لكن فى خطاباته إلى ثيو، ظهر أن جوجان أضاف أعباء نفسية إلى جوخ ، زادت على الأعباء النفسية التى كان يشعر بها بلا سبب .. ولا داعى .

فى جواب ما، ذكر جوخ أنه قال كلاما عنيفا لجوجان ، وأنه احتد عليه أكثر من مرة .. وسبه، وظهر أيضا أن الصديق احتمل .. وعانى وصبر لأنه كان يعلم أن جوخ يعانى هو الآخر ..لكن لا سبيل للخروج من تلك المعاناة .

سبب معاناته ، أن جوخ كان يعتقد أن الفنانين مخلوقات نورانية ، لا يمكن لأحد أن يكون مثلهم . ولا هم فى الوقت نفسه يمكن أن يعلموا أحدا كيف أصبحوا هكذا.

على العكس .. كان جوجان يرى أن الجمال فلسفة ، وأن البشر يمكن تلقينهم تلك الفلسفة .. شريطة أن يريدوا ذلك.

فى إحدى خناقاتهما .. امسك فان جوخ سكينا ، وقطع جزءا من إذنه ، لا احد يدرى لماذا .
فلا هو قال لأخوه ثيو ، ولا ثيو سأله.

لكن يبدو أن هناك من أراد أن ينفى تهمة الجنون متطوعا عن جوخ، فلجأ لإشاعة قصة إهدائه إذنه لحبيبته، مع أن الحقيقة لم تكن كذلك !!





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة