>> مبادرة لترشيح الفنان «محمد نجم» لرئاسة الجمهورية.. ليه لأ؟!!
هل حضرتك موجود وتقرأ هذا المقال فعلا؟
لا تؤاخذنى فأنا لم أُحضر النظارة لأراك، وأنا مواطن مصرى مثلك تماما أخاف الله وزوجتى، وأؤمن أن الكلام مباح فى كل شىء باستثناء السياسة وشئون الدولة العليا وتحديدا ما يتعلق بالرئاسة، ولا أنظر إلى ما هو أبعد من آخر الشارع الذى أسكن فيه، لأن الشارع المجاور مخصص لسيادة المحافظ، والحى المجاور مخصص لرئيس الوزراء، أما باقى المليون كيلو متر مربع التى هى مساحة مصر فلسيادة الرئيس (بغض النظر عن اسمه) ولورثته الشرعيين.
هل حضرتك موجود معنا على أرض مصر؟.. من فضلك أبرز بطاقتك الانتخابية.
لا تحاول أن تقنعنى بأنك مثل اللمبى لا تملك بطاقة انتخابية لأنك ماعندكش «جيب ورا»، وأنك ستنتخب رئيس الجمهورية بكارنيه مركز شباب الحبانية، كما أن الحجة الشهيرة: «وأنا مالى بالانتخابات ما هم كده كده بيزوروها» لن تنطلى علىّ، وليس عندى مكان للكلام من نوعية: زيد زى عبيد، وما أسخم من سيدى إلا ستى، واللى نعرفه أحسن من اللى منعرفوش، واللى جاى شبعان وهياكُل بالعقل أحسن من اللى جاى جعان وهياكُل بالمغرفة.
حضرتك تحديدا بكل المواصفات السابقة متسبب بشكل أساسى فى أننا لم نأخذ حقا ولا باطلا مع رئيسنا الحالى الذى لم ينقل عِزاله من قصر الرئاسة طيلة 28 عاما، لأنك كنت مشغولا بتسديد أقساط الغسالة والتليفزيون ،وكنت تعمل ليلا ونهارا لتدبير فلوس الأكل والشرب والمواصلات والعلاج والدروس الخصوصية، ومش فاضى تتفرج على نشرة تسعة، ولا تجد جنيها تشترى به جريدة حتى لو كانت قومية تكذب عليك.
أخبرنى عن اسم رئيس الحى الذى تسكن فيه، وثلاثة من أعضاء المجلس الشعبى المحلى، ومأمور القسم، واكسب دراجة، أو اذكر لى شروط الترشح لمجلس الشعب واكسب مروحة، أو شروط إسقاط العضوية واكسب شفاط، أو نسبة الزيادة فى أسعار الحمامات العامة واكسب شطاف.
هذه معلومات من المواطَنة بالضرورة، وإذا كان الشاعر يقول: ما استحق أن يولد من عاش لنفسه فقط، أقول: ما استحق أن يعيش من لم يطبق قول الشاعر على نفسه ويفكر بشكل عام، لا أقول لك اترك طابور البنزين حتى لا تشعل فىّ النار، ولكن على الأقل لابد أن تفهم لمصلحة من يتم إجبارك على شرب بنزين 90، ولا أقول لك اترك طابور الخبز حتى لا تدعو علىّ حين تبيت جوعانا، لكن قف فى الطابور وفى يدك اليمنى قفص وفى يدك اليسرى لافتة اعتراض على من جعلك تقف مع القفص فى طابور واحد.
الرئيس عندنا لا يحكم أحدا، لأننا لو أخذنا الغياب للشعب كما نفعل فى المدارس، فلن نجد أحدا باستثناء الوزراء والمستثمرين وأعضاء لجنة السياسات ونواب الحزب الوطنى فى مجلسى الشعب والشورى، وعدد من أطفال الشوارع وباعة المناديل فى الإشارات، أما باقى الشعب ففى مكان من ثلاثة: إما فى الشغل، أو يقف فى طابور عيش أو تأمين صحى أو بنزين 80، أو فى زنزانة من زنازين الداخلية.
طبيعى إذن أن نجح النظام فى أن يلهى شعبا كاملا عن الالتفات لأبسط حقوقه السياسية، وأن ينجح بسهولة أكبر فى إخفاء وطمس ملامح أى «شخص» يصلح للمنافسة على المنصب المقدس، لدرجة أننا أصبحنا حين نفتش فى دفاترنا عن اسم يصلح لتولى منصب الرئاسة لا نجد إلا رجلا، كل ما نعرفه عنه هو أن اسمه «البرادعى» وأن شكله يشبه إلى حد كبير الفنان الراحل حسن عابدين صاحب سر شويبس، والجملة الخالدة فى مسرحية عش المجانين: «أنا بحب الحمشنة» والتى رد عليها «شفيق يا راجل» قائلا: «مش عيب لما أبقى بكلمك وتقولى حمشى أنا؟!».
البرادعى شخصيا لم يقدم وعودا للشعب المصرى أكثر مما فعل حسن عابدين، واتخذ من نظرية: «حمشى أنا» شعارا له فى كل أحاديثه، فالرجل حتى الآن يطلب فقط، ويقول: إذا لم تحققوا لى كل طلباتى «حمشى أنا»، وهو بالمناسبة لم يطلب شيئا خارجا عن الأدب والقانون، بل بالعكس قال ما يتمناه كل مصرى، لكنه طلب كل ما لو كان موجودا وسهل التحقق لما لجأ إليه أحد لخطب وده حتى يكون رئيسا للجمهورية.
سيدى مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تعال نحسبها معا، لو كانت الأمور فى مصر كما تشترط، والعملية الانتخابية لدينا مثلها كما فى الدول الديمقراطية، وتتم فى إطار ضمانات تشكل جزءا لا يتجزأ منها، وفى وجود لجنة قومية مستقلة ومحايدة تتولى تنظيم إجراءات الانتخابات لضمان نزاهتها، وفى ظل إشراف قضائى «كامل»، بالإضافة إلى وجود مراقبين دوليين من الأمم المتحدة، مع تنقية الجداول الانتخابية بشكل يجعلها «صادقة وكاملة»، لو كانت الأمور هكذا، فهل تعتقد أن أحدا كان سيلجأ إليك وهو لا يملك إلا حلما واحدا بالتغيير؟
عموما، البرادعى لم يقدم حتى ورقة عمل تمنح من يتمسكون به كل هذا الحماس، لا شك أنه رجل طيب ومحترم مثل ملايين المصريين، لكنه لا يتميز بشىء عنهم، ولو أننا فى مناخ ديمقراطى حقيقى لربما كانت عيوبه أكثر من مميزاته، لكن مسألة الرئاسة الآن أصبحت أشبه بلعبة الاستغماية، كأننا شعب تم ربط «عصابة» على عينيه ومطلوب منا أن نقدم أول من نستطيع الإمساك به ليتولى الرئاسة، أو كأننا ننتظر أول عابر سبيل لنمنحه تاج الجزيرة.
إذا كان الترشح لرئاسة الجمهورية بالاسم والشكل فأنا شخصيا أميل لترشيح الفنان «محمد نجم» لرئاسة الجمهورية، فاسم «نجم» أفضل كثيرا من «البرادعى»، كما أن ما نعرفه عن الفنان الكوميدى أكثر بكثير مما نعرفه عن مدير وكالة الطاقة الذرية، بل إن ما نعرفه عن «شفيق يا راجل» نفسه يُمكِّننا من الحكم عليه أكثر مما تفيدنا المعلومات المطروحة عن الدكتور البرادعى، كما أن هناك مبدأ فنيا مهما يقول: إن إضحاك الجماهير أصعب ألف مرة من إبكائها.
رئاسة الجمهورية ليست بالمناصب الدولية، ولا بالسيفيهات (جمع C.V)، ولا بما يقوله البعض عن المرشح: الراجل ده شكله محترم، أو شكله طيب، أو شكله حقانى، ولا بالزهد أيضا، فهناك من يفضل البرادعى لأنه «زاهد فى المناصب»، تأتى له ولا يطلبها، سبحان الله لو كان الأمر هكذا فمتصوفة سيدنا الحسين لم يزهدوا فى المناصب فحسب، بل زهدوا فى الحياة بأسرها، فلماذا لا نختار رئيسا من المجذوبين مثلًا؟
أنا لا أحب مبارك، ولا أعترض على البرادعى، ولا أطلب رقم شخص يصلح لتولى الرئاسة لكى نتصل به ونقول: ممكن تحكمنا لو سمحت؟ لكننى أبحث عن حوالى 80 مليون مصرى يظهرون على صفحات الجرائد فى جرائم قتل تافهة من أجل بضع جنيهات، أو من أجل شاب شاهد أخته ترقص على موبايل جاره، ويخرجون من بيوتهم ثائرين يحرقون الأخضر واليابس لأن شابا مسلما أمسك بيد فتاة مسيحية أو العكس، ويظهرون فى الأعياد على قلب رجل واحد ليتحرشوا بكل ما ينتهى بتاء التأنيث، ويصرخون صرخات حربية يمكنها أن تهز قلوب أعتى الأعداء إذا أحرز الأهلى هدفا فى الزمالك، أو أحرز الزمالك هدفا فى نفسه..لكن تيجى للجد يا مؤمن وتتكلم عن مين هيحكم مصر، وتدوّر حواليك، إنك تلاقى واحد يوحد ربنا مهتم بأى حاجة، مافيش، كأنك بتتكلم عن واحد هيحكم صحراء جرداء لا زرع فيها ولا ماء ولا بنى آدمين.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة