أكرم القصاص

صعيدى ولا بحيرى.. فى نقابة الصحفيين

الخميس، 10 ديسمبر 2009 12:19 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هل يسأل الصحفى نفسه عن الانتماء القبلى أو الإقليمى أو العائلى للمرشح؟. من بين أكثر الأشياء اللافتة فى الانتخابات الأخيرة على منصب نقيب الصحفيين، كانت نعرة البعض وإعلانهم أن الصعايدة ساهموا فى النتيجة التى وصل إليها ضياء رشوان باعتباره صعيديا.

وهو تصور يعنى أن القاهريين وصحفيى الوجه البحرى انتخبوا مكرم محمد أحمد. وهو تصور فضلا عن سذاجته، يكشف عن بذرة مرض، من حسن الحظ أنه محدود الانتشار.

حيث أعلن بعض زملائنا أن اللوبى الصعيدى أصبح مؤثرا فى نتائج النقابة، وهو أمر يخصم من رصيد العمل النقابى والصحفى، وربما يشير إلى أن القبلية والعائلية انتقلت إلى نقابة الرأى العريقة التى تكاد تتحرر من وصمها بأنها نقابة تكتلات سياسية أو حزبية.

وأظن أن كثير من الصحفيين يصوتون لمرشحين لايعرفون ـ بل ولا يفكرون أصلا ـ فى مسقط رأس أيهم. أو انتمائه الإقليمى، وهى طبيعة المدنية، ومعروف أن الدول كلما تقدمت فإن وعى مواطنيها يتخلى عن القبلية والطائفية والجهوية والعائلة، وهذا لا يمنع من أن يكون لكل فرد انتمائه الاجتماعى والإقليمى، ويحرص على علاقاته العائلية بل إن الأكثر مراعاة لعلاقاته العائلية وانتمائه الإقليمى يحظى باحترام، لكن صلة الرحم شىء والقبلية شىء آخر لأنها الوجه الآخر للطائفية، بل إن الكثير ممن يركزون على القبلية ستجد لديهم انتماءات طائفية.

والحقيقة أن هذه النغمة ترددت فى الانتخابات الأخيرة، وظهرت فى الانتخابات السابقة، وترددت أيضا فى نقابة المحامين، وأعلن بعض زملائنا المنتمين للصعيد أنهم أعطوا أصواتهم لمرشح لمجلس النقابة لأسباب جهوية وليس بسبب برنامجه أو تأييدهم له، بينما البعض قال إنه صوت ضد هذا المرشح بسبب خلافات قبلية وعائلية، وهنا يبدو الخطر من فكرة نقل النقابة من ممثل لمصالح وأحلام مهنية واجتماعية إلى مكان يعكس صراعات قبلية تنقل الأرياف إلى تنظيم نقابى.

وبالطبع فإن فكرة اللوبى الصعيدى لا تتسع داخل زملائنا الصحفيين خاصة من يمتلكون وعيا ثقافيا ونقابيا، لكنها تتجذر أحيانا لدى قطاع من الصحفيين الذين لا يرون فى تنظيم نقابى قوى جدارا يحميهم فيعودون إلى الاحتماء بالقبيلة.

ولحسن الحظ أن أغلب الزملاء الصحفيين الذين اعرفهم ينتمون إلى الصعيد لم تظهر لديهم هذه النعرة، وأغلبهم لم يصوتوا لضياء رشوان، لكونه صعيديا بل هناك قطاع من الصعايدة صوت لمكرم محمد أحمد.

وخطورة هذا الاتجاه أنه يفتح أبواب انقسام جديد فى نقابة تسعى دائما بوصفها نقابة رأى ووعى للتخلص من انقسامات متعددة، ويحرص كثيرون على التأكيد بأنهم يمثلون الصحفيين ويخلعون أرديتهم الحزبية والأيديلوجية.

ونظن أن التصويت الأيديولوجى أو الحزبى يكاد يختفى فى النقابة خلال أكثر من دوره، ولا يمكن القول أن كل من أعطوا مكرم محمد أحمد ينتمون لمؤسسات حكومية أو أن كل من صوت لضياء رشوان ينتمى للمعارضة، بل إن الأمر يرتبط فى كثير منه بسياق السياسة ومسيرتها، حتى وإن كان هناك من رؤساء تحرير صحف الدولة من يقول إنه يصوت لمكرم رفضا للأيديولوجيا أو يصوت ضد ضياء لأسباب حزبية، فهؤلاء يناقضون دعاويهم للمهنية، والانتخابات ليست اختبارا فى القبلية والحزبية والمهنية، أنها سباق نقابى يستخدم كل مرشح فيه أسلحته، ويحاول إقناع الأغلبية برأيه ووجهة نظره.

وفى هذا السياق فإن الذين صوتوا ضد مكرم محمد أحمد رأوا أنه لم يحقق إرادتهم فى الدورة السابقة، وأخل بوعوده، وفشل فى تشكيل هيئة مكتب تساعد على إنجاح المجلس والنقيب، بالإضافة إلى الارتباك الذى ساد مشروع الإسكان الذى أعلن عنه قبل الانتخابات، بعد أن أهمله عامين كاملين، وبدا متسرعا فى إعلانه وطرحه قبل الدراسة أو تقديم تصور واضح له. كما أن مساندة رؤساء المؤسسات القومية لمكرم أبعدته عن كونه مرشحا مستقلا، ووصمته بالمرشح الرسمى. ولم يكن من بين من صوتوا ضد مكرم من يشكك فى مهنيته، والأمر نفسه بالنسبة لمن صوتوا لصالح ضياء، أو من رفضوا التصويت له. وقد حاول بعض خصوم ضياء رشوان استخدام هذا المنطق، عندما اتهموه بأنه حول الانتخابات إلى مسألة قبلية، واستخدم فكرة الصعيدى والبحراوى. مستخدمين ما ردده بعض أنصار ضياء بدون وعى أن اللوبى الصعيدى ساهم فى إنجاحه، دون أن يدركوا أنه يضرونه.

بالعودة إلى ميكروب القبلية الجديد، فإنه يشير إلى أنه بالرغم من التطور الذى لحق بالجمعية العمومية للصحفيين وجعل من الصعب الرهان على كتلة أصوات، فإنه يشدها إلى الخلف. ويبعدها عن أفكار وتيارات كانت تحرص على وحدة النقابة، ولا يمكن القول إن نجاح كامل زهيرى أو أحمد بهاء الدين أو فيليب جلاب أو صلاح عيسى كان يتم، لأن جيرانهم الصحفيين وأبناء بلدتهم هم الذين انتخبوهم، ولم نسمع من قبل عن أن هذا النقيب أو عضو المجلس صعيدى أو منوفى أو غرباوى أو إسكندرانى.

والحقيقة أننى لم ألمح لدى أصدقائى المنتمين للصعيد مثل عماد حسين وحمدى عبد الرحيم وأسامة سلامة وإبراهيم منيسى وغيرهم كثيرون شاركوا فى التصويت لجلال عارف، دون أن يفكروا فى مسقط رأسه، بل وأحيانا ضد مرشحين صعايدة، ومثلهم كثيرون يفعلون ذلك.

الخلاصة أن الانتخابات ليست معركة فى الوطنية أو المهنية، وإنما منافسة على صوت بصوت، وقد ظهر فى الانتخابات الأخيرة إلى أى مدى تكون قيمة الصوت الانتخابى. ونتمنى ألا تتحول الانتخابات إلى مباريات تشعل معاركا وتسبب جروحا.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة