من حق الأستاذ عبد الله كمال رئيس تحرير جريدة ومجلة روزاليوسف أن يدعو بكل ما أوتى من قوة للأستاذ مكرم محمد أحمد فى انتخابات نقيب الصحفيين، طالما هو مقتنع بذلك، والأستاذ عبد الله - وللحق - ممن يتسقون مع أنفسهم فى الدفاع عن السياسات العامة للحكومة وعما يسمى بالفكر الجديد للحزب الوطنى، واشتباكاته لا تنتهى مع كل المعارضين لذلك، ويبالغ فى ذلك إلى حد قد يفهم منه أنهم قوة مطروحة من العمل الوطنى لأنهم معارضون.
وبقدر ما يبدو الأستاذ عبد الله حريصا على مذاكرة الملفات التى يقتحمها، بقدر ما يخونه التوفيق فى بعض الأحيان، ولا أدرى هل يعود ذلك إلى أنه يعرف الحقيقة لكنه لا يرغب فى ذكرها حتى لا تأتى بعكس ما يرغب، أم أنه لا يعرفها من الأصل، وفى كلتا الحالتين يجب تصحيح بعض الحقائق له، لأن من يدفع الثمن هو جمهور يستمع إليه.
فى حلقة برنامج "الحياة اليوم" على قناة الحياة الفضائية أول أمس الأربعاء، والتى ظهرت منحازة كاملا للأستاذ مكرم مما يفقدها رصيدا جماهيريا كونته بحرفية عالية، نسب الأستاذ عبد الله الذى كان ضيفا للحلقة الفضل للأستاذ مكرم فى أنه جعل التصويت فى اللجان بالحروف الأبجدية، بعد أن ظلت تدار لسنوات حسب الانتماء للصحيفة، بمعنى أن يكون لكل صحيفة لجانها الخاصة، وتلك مغالطة تاريخية، لأن صاحب الفضل فيها ليس الأستاذ مكرم، وإنما جلال عارف ومجلسه.
والقصة تعود إلى بداية فكرة تسلل رؤساء مجالس إدارات الصحف القومية للترشيح على منصب النقيب، والتى ظلت منذ عام 1985 تتراوح بين إبراهيم نافع ومكرم محمد أحمد، ومن أجل وضع الكل تحت ميكروسكوب التصويت لمعرفة إلى من سيذهب صوت كل ناخب، تم إلغاء التصويت بالحروف الأبجدية، ليتحول التصويت إلى صورة أشبه بالتصويت فى الانتخابات البرلمانية بكل شوائبها.
ورغم تعالى الأصوات المطالبة بإلغاء هذا الأسلوب إلا أن الوضع بقى كما هو، حتى قام الزميلان كارم يحيى من الأهرام، وعصام عبد الحميد من العربى برفع دعوى قضائية لاستعادة التصويت بالحروف الأبجدية، وظل الأمر معلقا انتظارا لتقرير هيئة مفوضى الدولة، والذى كان منحازا لإبقاء الوضع على ما هو عليه، أى الاستمرار فى التصويت حسب تكتل الصحف.
ومع انتخاب جلال عارف نقيبا للصحفيين قرر انضمام النقابة إلى الدعوى المرفوعة من الزميلين كارم يحيى وعصام عبد الحميد، فانحازت المحكمة على أثر ذلك إلى الشاكين ولم تأخذ بتقرير هيئة مفوضى الدولة، لتجرى الانتخابات بعد ذلك طبقا للحروف الأبجدية، مما أعطى الكل أمان التصويت والذى لم يعد خاضعا للرقابة من أحد، والفضل فى ذلك ليس للأستاذ مكرم محمد أحمد، وإنما للزملاء كارم يحيى وعصام عبد الحميد وجلال عارف ومجلسه.
لم تكن هذه المغالطة هى الوحيدة من الأستاذ عبد الله كمال على قناة الحياة اليوم، وإنما قوله إنه أعلن تأييده للدكتور أسامة الغزالى حرب حين أعلن ترشيحه على منصب نقيب الصحفيين، وقال إنه أيد الدكتور أسامة بالرغم من خلافه معه، والحقيقة أن ترشيح الدكتور أسامة كان منبعه أن الرجل وقتئذ كان عضوا لامعا فى لجنة السياسات، ولم يكن خرج بعد من الحزب الوطنى إلى تشكيل حزب الجبهة الوطنية الذى يتزعمه حاليا، وتعامل جمهور الصحفيين وقتها على أن لجنة السياسات تخوض المعركة ممثلة فى الدكتور أسامة الغزالى، وأعتقد أن تأييد الأستاذ عبد الله كمال خضع لهذه القاعدة، ورغم كل شىء فإن هذه الدورة تحديدا كانت من الدورات القليلة التى لم تقع فيها المؤسسات القومية إلى ضغط رؤساء مجالس الإدارات بقدر العنفوان الحالى، وجاء الصحفيون بجلال عارف نقيبا لهم.
يبقى مما ذكره أيضا الأستاذ عبد الله كمال على قناة الحياة بأنه لا يمكن السماح بجلوس مرشد الإخوان المسلمين على مقعد النقيب ممثلا فى شخص ضياء، وتلك كذبة يعلمها الأستاذ عبد الله قبل غيره، لأنه يعلم أن ضياء ليس إخوانيا، وأنه باحث مميز فى شأن الإسلام السياسى، وتعلم كل الدوائر الصحفية والبحثية، وأجهزة الدولة جيدا كم يقدم ضياء خدمات هامة فى فهم تلك الظاهرة، تؤسس للتعامل معها برؤية سياسية واعية، حتى لا تبقى أسيرة العنف والإرهاب.
ويبقى أنه لو تم الأخذ بهذه الكذبة فلا تلوموا أحداً، لو اتهم من يعمل بحثيا وصحفيا فى الشأن الإسرائيلى بأنه إسرائيلى، ومن يتابع الشأن الحزبى بأنه حزبى، ومن يتابع الشأن الأوروبى بأنه أوروبى، ومن يتابع الشأن الأمريكى بأنه أمريكى.
سعيد الشحات
مغالطات عبدالله كمال وانحياز"الحياة" فى انتخابات الصحفيين
الجمعة، 11 ديسمبر 2009 11:56 ص
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة