تلقى الصحفيون عدداً من الرسائل القصيرة يكفيهم لمدة عامين على الأقل، وكلها رسائل تقدم الوعود والخدمات وتخاطب الضمير، لكن لفت نظرى من بين سيل الرسائل القصيرة أن بعضها يخاطب الضمير المهنى، وبعضها الآخر يخاطب الضمير العادى، وكأن الإنسان له ضميران، أحدهما مهنى والثانى إنسانى، وكنت أفضل ألا يذكر الضمير فى الموضوع، لأنه شىء مجرد معنوى، ويتساءل الواحد منا هل الضمير يعنى أن يصوت الإنسان لمكاسب مادية معلقة، أو فى علم الغيب، أم يصوت لضمير خال من الخدمات.
ولا شك أن الإنسان الطبيعى يجب أن يعذر هؤلاء الذين ينتظرون شقة تنقلهم من الزحام إلى بعض البراح، أو يحلمون ببدل تدريب يغنيهم عن سؤال اللئيم، لكن يفترض أن المرشح بدلا من أن يخاطب ضمير الصوت الانتخابى، أن يتوجه إلى معدته، لأنها أقرب طريق إلى قلب الناخب.
لكن الضمير هنا مثل الدين لا يجب أن يدخل فى السياسة، وإلا أصابه الضرر، والسياسة فى الأغلب تخاصم الضمير، ولا تعترف بوجوده، أو تطالب بضمير مطاط قابل للثنى. وقد اعتدنا فى الانتخابات أن نرى عبارة شهيرة لكل مرشح يعلن فيها "من أجلكم رشحت نفسى.. خير من يمثلكم" دون أن تعنى للناس شيئاً كثيراً، بعد أن اعتادوا أنه يمثل عليهم.
وفى حال الانتخابات على منصب نقيب الصحفيين ادعى أنصار الأستاذ مكرم أن ضياء رشوان ينتمى إلى جماعة الإخوان، مع علمهم أن هذا غير صحيح، وبعضهم له صلات قوية بأجهزة الأمن تجعله متأكداً أن ضياء باحث فى الإسلام السياسى، يمكن الاتفاق أو الاختلاف حول ما يكتبه، إلا أن يكون منتميا للجماعة.
لم يدرك الذين اتهموا ضياء رشوان بأنه إخوان، مع علمهم أن ضياء حصل على نصف الأصوات أنهم يضخمون الجماعة، مع أنهم يهدفون إلى العكس، لكنها السياسة قصيرة النظر التى تعمى أحيانا عن رؤية الحقيقة. وفى المقابل زعم أحد المواقع الإلكترونية أن الأستاذ مكرم محمد أحمد حصل على 700 جهاز كمبيوتر من السفارة الإسرائيلية، وطبعا من قال هذا يعلم أنه غير صحيح، لكن الأمر يكشف إلى أى مدى يمكن أن تصل الخلافات والمنافسات لتتحول إلى حرب بلا ضمير، مع أنها أحياناً تخاطب الضمائر.
ومسموح ببعض الخشونة فى الانتخابات، ويفترض أن تكون مثل خشونة الملاعب، وألا تصل إلى الفاول بلغة كرة القدم، أو الضرب تحت الحزام بلغة الملاكمة، لأن هذا مخالفة وتجاوز فى حق المهنة التى يفترض أن لها ميثاق شرف يحكمها.
وفى الانتخابات لا يمكن أن تكون الخدمات موجهة لضمير، فهى تخاطب البطن، وهدفها الأساسى هو كسب الأصوات، وليس مداعبة الضمائر، لأن الضمير لا يخضع للزغزغة، أو يفترض ألا يخضع لها، لكن من الصعب أن تجرى انتخابات دون كذب، لكن انتخاباتنا تبدو وكأنها آخر انتخابات، وترانا ننتخب "فى آخر زادنا"، دون أن يدرك البعض أنهم بينما يدعون مخاطبة الضمير، فهم يدوسون عليه، فأى ضمير سينتصر اليوم، وأيهما سيلقى هزيمة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة