تقديراً وإعجاباً منى بمبادرة صديقى الكاتب المبدع عمر طاهر التى نشرها فى «الدستور» الأسبوع الماضى أعيد نشر فكرته الجميلة هنا ببعض الاختصار مراعاة لفرق حجم العمود بينى وبينه، وأناشد المؤسسات والجمعيات التى تهتم بمثل هذه الأنشطة أن تتولى جانباً من التطبيق.
وإلى ما كتبه عمر:
هل تبحث عن صدقة جارية ذكية، وأنا لا أعنى بذكية أنها صدقة ديجيتال تجعلك تبدو أمام نفسك فى أزهى هاى رزليوشن، ولكننى أقصد بذكية أنها قليلة التكلفة لكنها عظيمة الثواب.. والله أعلم.
فى ليالى الشتاء القارس القادمة كلمنى عن صدقة أعظم من بطانية تقدمها لشخص قد يحتاجها، صدقنى القائمة أكبر مما تتخيل، لا تغرك البيوت المغلقة على أصحابها تحسبهم (متدفيين) من التعفف، ربما ليست لديك فكرة عن خمسة أشقاء يشتركون فى بطانية واحدة يتجاذبونها طوال الليل والمحظوظ منهم هو الذى يستطيع أن يشعر بالدفء لنصف ساعة كاملة، ربما ليست لديك فكرة عن الأمهات اللاتى يلتمسن الدفء فى التدثر بسجادة الصلاة، ربما لم تر من قبل بيوتاً تختبئ من البرد فى كليم نوبى خشن ثقيل ورخيص، ربما لم تعايش عائلة يبحثون عن الدفء بالنوم متجاورين ملتصقين ببعضهم البعض يخبئ هذا رأسه فى صدر الآخر ويخبئ هذا قدميه أسفل قدمى شقيقه.
إنها شهور صعبة قادمة من حق كثيرين أن نقف خلالها إلى جوارهم ببطانية، ستتصدق بمال قد يحيرهم فالالتزامات كثيرة وقد يفضلون تحمل البرد على تحمل جوع الأطفال مثلاً، ستتصدق بطعام ولكن هل يحلو الطعام دون أن تسرق بعده ساعة نوم تحت البطانية؟ قد تتصدق بتكلفة العلاج لكن صدقنى الوقاية خير منه.
هناك شخص مع كل (تقليبة) له فى الفراش سيدعو لك، فى كل مرة يعود فيها إلى المنزل هرباً من برد الشارع القارس فيخلع حذاءه ويلتف بالبطانية ويستعيد توازنه كإنسان سيدعو لك، فى كل مرة تجلس الجدة تحت البطانية وتجمع حولها أحفادها تقص عليهم حواديت حتى يناموا باستغراق، فى كل مرة يشتاق فيها زوج لملاقاة زوجته بحميمية دون أن يحول البرد بينهما وبين هذه السعادة المسروقة؛ لأنه لا يخشى أن يصاب بالتهاب رئوى سيدعو لك.أنت تمتلك فرصة ذهبية للتخلص من ماضيك القذر، أقول -والله أعلم - إن كل عمل مشين قد صدر عنك فى حياتك سيختفى مع كل مرة يصحو فيها طفل ويغادر موقعه تحت البطانية وقد احمرت خدوده.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة