بين الحين والآخر يخرج علينا بعض السُذّج ليؤكدوا لنا ظهور العذراء مريم، وقبل أن أخوض فى تفنيد هذه الألاعيب، لابد أن أكد للجميع على احترامى التام لمعتقدات أصحاب الكتب السماوية، وأن تعرضى لهذا الأمر لم يأت من باب الطائفية، أو المساس بمعتقدات إخواننا فى الوطن، ولكن من باب إظهار الحقيقة، وحماية مصر من المتلاعبين بالفتنة والمتطلعين لإحراق مصر بنار التبشير.
وهنا سأتطرق لمناقشة هذا الأمر بالعقل، خاصة أنه تكرر مرات عديدة، فكان أول ظهور عام 1968 على منارة الزيتون والثانى 1986 على منارة القديسة دميانة بشبرا، وعام 1992 فى دير العذراء بأسيوط، وكل مرة لم تظهر العذراء مريم البتول رضى الله عنها وأرضاها بملامح وجهها أو بجسدها، ولكن كان الظهور عبارة عن نور وغالبا داخل الجلباب الأزرق المعروف فى صور "العدرا" لدى المسيحيين - وكأن البتول مريم رضى الله عنها لم تملك إلا هذا الرداء والهدف بالطبع هو تقريب هذه الخدعة للصور المتعارف عليها إخواننا المسيحيين للسيدة مريم - ومن أراد أن يتأكد من ذلك فليراجع مقاطع الفيديو الخاصة بهذا الأمر.
وهنا أطرح مجموعة من الأسئلة لعلها تظهر خدع المتلاعبين بالفتنة، فلماذا لم تظهر مريم البتول بجسدها إذا كان هناك ظهور فعلى؟ وهل أى معتقد سماوى يقر عودة الأرواح وظهورها بعد الموت؟ بل لماذا تظهر هذه الأنوار على جدران أو بين جدران، فلما لا نراها فى كبد السماء بالأعالى؟ بل لماذا لا تظهر البتول مريم إلا فى كنائس مصر فقط؟ ولما تظهر على كنائس الأرثوذكس بالأخص ولا تظهر على كنائس الكاثوليك أو البروتستانت؟ بل هل يقر كهنة الكنيسة مثل هذه الخزعبلات وهم يعلمون جيدا أن الكتاب المقدس أنبأ عن مثل هذه الأمور أنها من إعمال الشياطين، كما جاء فى إنجيل يوحنا الإصحاح 5 العدد 37 وأيضا فى إنجيل مرقص الإصحاح 16 العدد 17 وإنجيل متا 2424 والذى أكد أنه سيكون هناك أدعياء مثيرين للفتنة.
وأنا أعلم يقينا أن ما يظهر عبارة عن خدع ليزر تظهر للبسطاء، لأن أحد الأصدقاء المسيحيين أكد لى أن هذا الأمر وأنه يقوم عليه شباب متخصصين فى وسائل التقنية والليزر، كما أنهم يحاولون استقطاب الشباب المسيحى للتدين عن طريق هذه الخدع، خاصة أنهم يمتلكون عواطف جياشة، وهنا لابد أن أذكر بوضوح أن الهدف من ظهور هذه الخدع خاصة فى كنائس الأرثوذكس، مواجهة التبشير المستمر بين شبابهم لبعض المذاهب المسيحية الأخرى، وتحول كثير من الشباب لهذه المذاهب، كما أن هناك اتجاها لبعض المتطرفين أن يقوموا بالتبشير بمثل هذه الخدع بين المسلمين.
كما أريد أن أوضح حقيقة أخرى، وهى أن الأديان السماوية منذ آدم عليه السلام وحتى محمد صلى الله عليه وسلم، أكدت ألا بعث للموتى من بنى البشر للدنيا مرة أخرى، وأن البعث للأجساد والأرواح فى الآخرة فقط، ولذلك لم نسمع أن إبراهيم وموسى ويوسف ويعقوب وجميع الأنبياء عليهم السلام جميعا ظهروا للبشرية بعد موتهم ولو لمرة واحده "مش خمس مرات"، كما أن الشىء المعجز يظهر لمرة واحدة لا خمس، فذلك يخالف المنطق والعقل وسنن الكون.
وإذا كانت كل هذه البركات والمعجزات تظهر بالكنائس، فلما سافر البابا بنفسه لأمريكا لتلقى العلاج هناك، بل كان عليه أن يكتفى بأخذ أثر هذه الأنوار المباركة ليشفى، لكن البابا رجل على درجة عالية من الثقافة والفكر ويعلم يقينا أن مثل هذه الأمور مٌكذبة بنصوص الكتاب المقدس.
إنهم صبية يدعمهم بعض المتطرفين، ويحاولون أن يتلاعبوا بمشاعر البسطاء، وينالوا من استقرار الوطن بحيل تكنولوجية مكشوفة لكل ذى عقل، لكن الذى لا يعلمونه أنهم ينالون من استقرار وأمن مجتمع بإعمالهم الصبيانية هذه.
موضوعات متعلقة..
أنفلونزا الوهم.. واللعب بالمتدينين الأقباط
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة