بينما يجتهد الرياضيون والمسئولون فى كل مكان فى العالم لإبعاد الرياضة عن السياسة.. ولا يتورع الاتحاد الدولى لكرة القدم -الفيفا- عن إيقاف أى دولة يثبت وجود تدخل حكومى فى شئونها الداخلية لكرة القدم.. وهو الأمر الذى تم تطبيقه على العديد من الدول وبينها الكويت مؤخرا.
لا يتورع السياسيون فى مصر عن شمول كرة القدم برعايتهم واهتمامهم وتدخلهم وفرض الأشخاص الذين يثقون فيهم أو يميلون إليهم دون النظر إلى النتائج أو الكفاءات أو الدراسات.
ولا يخفى المسئولون المزمنون فى الاتحادات والأندية الرياضية سعادتهم وولاءهم الكامل لكل السياسيين الذين يقدمون لهم يد العون والمساعدة دون أدنى قدر من الخجل. وانتهى الأمر مؤخرا فى أكبر اتحاد رياضى فى مصر إلى انتشار ظاهرة الاحتكار لعدد من الأشخاص فى مواقعهم بغض النظر عن اعمالهم وأدائهم ومستواهم ونتائجهم.
سمير زاهر رئيس مجلس إدارة اتحاد كرة القدم يعيث فى الاتحاد كيفما يشاء، دون اهتمام بالإعلام أو الحساب.. بل وبات أكبر من المساءلة من الجهات العليا وعلى رأسها المجلس القومى للرياضة، مشيعا ومتغنيا بأنه على علاقة طيبة بالشقيقين جمال وعلاء مبارك نجلى الرئيس.. وانهما يتصلان به كثيرا ويؤيدان خطواته وقراراته باستمرار، مع تلميحات أنه لا يفصل فى أى موضوع هام أو حيوى دون الرجوع إلى أحدهما واستشارته.
ولذلك بات طبيعيا أن يحتكر سمير زاهر كل انتخابات لرئاسة اتحاد كرة القدم أمس واليوم وغدا.. ولا يهمه على الإطلاق مستوى عمله أو نتائج منتخباته لأن بقاءه مضمون. ويستغل زاهر قوته الإضافية من علاقاته مع الكبار فى الاتصال المباشر بكبار رجال الإعلام فى الصحف والقنوات للنيل من أى صحفى تسول له نفسه انتقاده.
العجيب أن كبار الصحفيين فى مصر والذين تباروا فى الكتابات الرياضية والكروية والإشادة بالاتحاد والمدرب واللاعبين لنفاق الرئيس والحكومة بعد كل إنجاز رياضى.. لم يفكر أحدهم فى العودة ولو لمرة واحدة للاشارة إلى الانهيار الكروى والتنظيمى الذى تعيشه الكرة المصرية فى الشهور الأخيرة.
والمدير الفنى لمنتخب مصر حسن شحاتة الذى لم يهتز مطلقا بعد الخسارة من الجزائر فى الخرطوم والخروج المخزى من تصفيات كأس العالم 2010.. وعاد يملأ الدنيا بتصريحاته الوردية عن مستقبل مشرق للكرة المصرية فى نهائيات كأس الأمم الأفريقية 2010 فى أنجولا.. وتمسك بضرورة تجديد عقده حتى عام 2012 مع زيادة فى العقد له ولكل أفراد الجهاز الفنى.
وهو يتباهى ليل نهار أنه قريب جدا من الشقيقين جمال وعلاء، وأنهما على اتصال للاطلاع على كل كبيرة وصغيرة فى شئون المنتخب.. وأنه لا يعبأ مطلقا بالأقلام المارقة أو الأصوات الخارجة التى تنتقده، مؤكدا أنه أكبر من أى نقد.
الرجل الذى أفقدنا أسهل فرصة للتاهل إلى كأس العالم فى تاريخنا بعد وقوعنا فى مجموعة الجزائر وزامبيا ورواندا يواصل عمله بلا حساب.. بل الأدهى من ذلك أنه لم يتقدم حتى الآن بتقريره الفنى عن أسباب خسارة مصر وخروجها من تصفيات كأس العالم. حسن شحاتة هو المدير الفنى للمنتخب من 2004 ولايزال قابعا أو جاثما على صدر اللعبة حتى 2012.. ولا مجال لأى مدرب آخر أن يفكر فى المنصب الذى احتكره حسن شحاتة حتى إشعار آخر.
ولا يخفى على أحد أن منتخب مصر لن يلعب أى مباراة رسمية فى أى مسابقة خلال عام 2010 بعد نهاية كاس الأمم الأفريقية.. والمباراة النهائية للبطولة التى تنظمها دولة أنجولا ستكون فى 31 يناير ومن الممكن ألا تتأهل مصر لها، وتودع البطولة من مراحل قبلها.. أى أن حسن شحاتة سيبقى بلا عمل، اللهم إلا بعض المباريات الودية التى لا تغنى ولا تسمن، وسيتقاضى أعلى راتب لأى مدرب مصرى.. ومعه حفنة من المقربين فى الجهاز الفنى أصحاب الرواتب الضخمة بلا أى عمل فى 2010.
قمة الاحتكار فى كل شىء فى كرة القدم المصرية.
فقدنا النتائج وخسرنا التأهل.. وقبلها ضاعت الكرامة.
ومع ذلك لم يتأثر الرجلان اللذان جلبا لمصر كل الخسائر.
والعكس صحيح.. بقى زاهر وشحاته.. وازداد موقفهما تدعيما من السلطة ومن المجلس القومى للرياضة.. ومن حفنة عملاقة من رجال الإعلام الذين ينظرون إلى الأمر ويتعاملون معه من منظور ضيق وزاوية غارقة فى التعصب والمصالح الشخصية. كنا أبطال أفريقيا لكرة القدم عام 2006 و2008، وأقمنا الدنيا ولم نقعدها لحسن شحاته.. ومنحه انصاره ألقابا وأموالا وحصانة لم ينلها أى مدرب فى تاريخ الكرة المصرية.
وعندما خسرنا من الجزائر فى بليدة أولا وفى الخرطوم ثانيا.. وفقدنا بطاقة التأهل إلى كأس العالم 2010 أصبحنا بعيدين بالأرقام والحقائق عن أقوى وأنجح خمسة منتخبات أفريقية.
ولكن قطيع المديح المستمر لم يتحول عن طريقه وظل سائرا يمجد فى ماضى وتاريخ حسن شحاتة.
وكأننا سنعيش كل حياتنا فى الماضى. وسيبقى حسن شحاتة محتكرا لمنصب المدير الفنى للمنتخب لأنه فاز عامى 2006 و2008.