عزيزى الحزب الوطنى الديمقراطى المحترم، حرصا منى على دوام هيمنتكم على المحروسة، فكرت كثيرا فى كيفية حل مأزق البرادعى بطريقة لا تحرجكم ولا تحرجه. محاولتكم للتشنيع بالرجل وضربه فى نزاهته وكفاءته ستأتى بنتيجة عكسية وستزيد بلا شك من شعبيته وستضعف مصداقيتكم (حلوة مصداقيتكم دى!!). ولو أغلقتم كل الأبواب فى وجهه وحرمتموه من الترشح قد يظل الرجل بطلا فى ذاكرة الشعب الذى سيزيد غضبه عليكم وعلى سياساتكم المتعسفة يوما بعد يوم، وربما يعود البرادعى مرة أخرى فى انتخابات 2016 أكثر قوة ويعكنن عليكم من جديد.
شوف يا عم الحزب الحاكم، البلد اتغيرت والشباب بقى يدخل النت ويعلق على الأحداث، والصحف المحلية والعالمية قلعت برقع الحيا وبتكتب فى كل حاجة. عارف والله إنك ما بيهمكشى صحف ولا شباب، بس برضه كل وقت وله أدان. أساليب سياسة الستينيات والثمانينيات لم تعد تجد فى القرن الواحد والعشرين، والدكتاتورية اليوم لها قواعد أخرى. نعم ستفوزون بانتخابات البرلمان وانتخابات الرئاسة بلا شك، كما فاز مكرم بانتخابات نقابة الصحفيين، ولكن حاولوا أن توهموا الشعب على الأقل أن هناك من ينافس الحزب ويهدد عرشه. حاولوا أن توحوا للشباب العطشان للمشاركة السياسية أن هناك منافسة وصراعا غير محسوم بعد. اسمحوا للبرادعى بالترشح لمنصب الرئيس، ولكن ليس من خلال أحزاب المعارضة، لأن أى حزب سينضم إليه البرادعى ستزداد شعبيته حتى بعد أن يتركه البرادعى. اسمحوا له أن يرشح نفسه كفردانى مستقل واسمحوا لأنصاره أن يعلقوا لافتات وصورا له فى الميادين العامة، ولا تسلطوا عليه بلطجية ليحطموا سرادقه الانتخابى ولا امرأة شرشوحة لتلقى مية وسخة عليه أثناء زيارته لحى شعبى. بل واسمحوا بمناظرة بينه وبين مرشحكم المجهول المعلوم على شاشات التليفزيون. الشعب فى الوقت الحالى لا يريد أكثر من ذلك: مجرد تسلية ووهم أن هناك حراكا فى مياه السياسة الراكدة.
أما عن نتيجة الانتخابات فالخيار لكم. طبعا لن يجرؤ أحد أن يحلم بفوز البرادعى، ولكن لكم عندى نصيحة أخرى إذا كنتم تريدون أن تظبطوا الطبخة: اجعلوا البرادعى يحصل فى الجولة الأولى على نتيجة تؤهله لجولة ثانية فى الانتخابات ضد مرشحكم المحترم. وهكذا ستمدون فترة النشوة لدى الشعب. وفى "الفاصلة" اجعلوه يخسر الانتخابات بفارق بسيط: 46% مقابل 54% مثلا، عندها ستعطون الناس بعض الأمل وستتجنبون سخطهم واتهامتهم. نعم.. هى مجرد قصة شبيهة بقصة أم درمان وقصة انتخابات الصحفيين وقصة كل سائق سيارة فى وسط القاهرة يتمنى أن تتحرك السيارة التى أمامه ولو شبرا واحدا حتى لا يفقد الأمل. الشعب يريد فقط إحساساً أنه ينتمى إلى 46% تنافس بدلا من 0% بلا صوت!
ماذا؟ تسألون كيف ستتعاملون مع البرادعى فيما بعد وقد صارت له شعبية كبيرة؟ عينوه رئيسا للوزراء، وأؤكد لكم أنه سيفقد شعبيته فى غضون شهور، فنحن لا نحب رؤساء الوزارات بصفة عامة وليس لدينا صبر عليهم. اجعلوا الرجل الطيب يغوص فى مشاكل البيروقراطية والميزانية والألعاب البرلمانية التى لا حل لها. ولكى تزيدوا من عنائه عينوا وزيرين من الإخوان فى حكومته أحدهما مسئول عن البيئة والآخر عن القوى العاملة. وهكذا تكونوا ضربتم عصفورين بحجر واحد. بعد ذلك سييأس البرادعى و"يسلم النمر". وعندها سينساه الشعب وسيعود للاسطوانة إياها التى يحبها حزبكم الموقر: أحنا شعب فرعونى ما يتحكمش غير بالكرباج.
وهكذا ستخلصون من صداع البرادعى إلى الأبد وسيتخلص الشعب من صداع التغيير حتى حين.. أو أنك عزيزى الحزب الوطنى ستنظر للبرادعى على أنه فرصة لك، كى تخرج من مرحلة المراهقة السياسية وتنضج وتصبح حزبا بحق وحقيق!
والسلام ختام
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة