بدأ هذا الأسبوع بتعهد الحكومة بتنفيذ توصيات مجلس الشعب، بشأن موضوع إزالة عدد من المساكن بعزبة الهجانة بمدينة نصر.وقالت حكومتنا الموقرة فى خطاب أرسلته إلى المجلس إنها بادرت فور تلقيها التوصيات بتشكيل لجنة لوضعها موضع التنفيذ، التزاما بالتعاون مع المجلس فى تنفيذ القانون وحماية المواطنين.
استوقفتنى آخر أربع كلمات فى هذه الجملة، «تنفيذ القانون وحماية المواطنين». إن كنت تعيش خارج مصر، قد تشعر عند سماع هذا الكلام بالغيرة من هؤلاء المواطنين المُشار إليهم، الذين ينعمون بدفء حضن حكومتهم التى تخاف عليهم، وترعاهم. أما إن كنت واحداً من هؤلاء المواطنين الذين «تحميهم» الحكومة المصرية، أو على الأقل متابعاً عن قرب لمظاهر هذه «الحماية»، فستضرب كفاً بكف مُقهقهاً ساخراً، أو باكياً يائساً. عزبة الهجانة ما هى إلا صورة مُصّغرة طبق الأصل «لتنفيذ القانون وحماية المواطن» فى كل مكان فى مصر.
أين كانت الحكومة مُنفذة القانون عندما بُنيت عشرات الأدوار المخالفة طوبة على طوبة فى وضح النهار؟ ربما رأى بعض المسئولين فيها أنه على رأس قائمة مصالح المواطن أن يغضوا البصر عن البناء بدون ترخيص، وأن يمنحوا العقارات المخالفة عدادات الكهرباء والماء (ولنستبعد هنا أى احتمالات رشاوى أو إهمال والعياذ بالله، فكبار وصغار موظفى الحكومة منفذون للقانون وحُماة لنا كما تقول الحكومة فى خطابها لمجلس الشعب).
استوعبت الحكومة الحامية خطأها فى عدم تنفيذ القانون لسنوات طويلة، وها هى تقرر تنفيذ خطة حماية الشعب، فتهب منتفضة لتزيل أملاك عشرات من المواطنين المخالفين، وتلقى بشقى عمرهم على الأرض، لقد خالفوا وتحدّوا القانون فليتحملوا مسئولية تهورهم، أما هى فلا مسئولية عليها، لقد ساندتهم وتركتهم من منطلق العطف والحماية، أو لأنها كانت مشغولة فى حماية زملاء لهم.. مواطنين آخرين. ربما كانت الحكومة مشغولة فى تخطيط حملة وزارة الأوقاف ضد (لتسامحنى الحكومة، أقصد لصالح) فلاحى مصر فى المحافظات المختلفة لتعلمهم الاعتماد على النفس، كما يفعل الأب الحنون مع أبنائه فيقسو عليهم ليشتد عودهم.
رأت وزارة الأوقاف، حماية ًلكل فلاح مصرى أن تطرد بعضهم فوراً من أراضيهم لتبيعها بالمزاد العلنى فى حلوان، وتسمح بالاستيلاء على أراضى 70 أسرة فى قرية منية سندوب فى المنصورة، فضلاً عن محاولة إزالة منازل الآلاف من أهالى دمرو بالغربية. إن كان هذا هو مفهوم حماية المواطن وتنفيذ القانون لدى الحكومة، فالغريب أنها تستنفد هذه الأيام كل جهودها لحماية المواطن المصرى، ولا تلتفت إلى مصلحة حزبها الذى سيخوض انتخابات تشريعية على الأبواب. ربما تظهر قُبيل الانتخابات خطة «إنقاذ» بديلة لخطة «الحماية».. إنقاذا للمواطن والحزب.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة