بين الإخلاص لفكرة وتطبيقها على الأرض مسافة، قد تؤدى بصاحبها إلى الانقلاب على مؤسسته التنظيمية التى من المفروض أن تكون وعاء طبيعيا لتطبيق هذه الفكرة، هذه الإشكالية المطروحة دائما على التنظيمات السياسية تؤدى فى أغلب الأحيان إلى خسارة كوادر فاعلة وكونت رصيدا محترما فى العمل السياسى.
ولو أجرينا جردة تطبيقية على هذه المسألة، سنجد فيها أسماء من التيارات السياسية المختلفة، ففى الحزب الناصرى لم يتسع الحزب لأسماء مثل حمدين صباحى وكمال أبوعيطة والدكتور صلاح الدسوقى وأمين إسكندر والدكتور أحمد الصاوى وعشرات آخرين، وفى اليسار لم يستطع حزب التجمع أن يستوعب رموزا يسارية فاعلة مثل أحمد بهاء شعبان وكمال خليل وأحمد شرف وأخيرا أبوالعز الحريرى وآخرين غيرهم، وفى جماعة الإخوان المسلمين سنجد القائمة تطول، ومنها أبوالعلا ماضى وعصام سلطان ومختار نوح وآخرين.
خرج هؤلاء من المؤسسة التنظيمية التى ناضلوا من أجل أن تكون على الأرض حقيقة واقعة، وبقدر ما يبدو أن الخلاف التنظيمى هو الذى قاد إلى الفراق، إلا أن المراجعة الموضوعية لهذه الظاهرة ستقودنا إلى أسباب أخرى أهم، ومنها الخلاف فى الرؤى السياسية التى تبنى على مستجدات قد يراها الطرفان أنها تقودهما إلى الفراق وليس التوحد.
الظاهرة ربما تشمل القيادى الإخوانى البارز عبد المنعم أبو الفتوح، الذى وجد نفسه رغم نجوميته المحترمة خارج مكتب الإرشاد، ورغم كل الكلام عن ديمقراطية الانتخابات ووجوب احترامها، إلا أنه يبقى لكل قيادى بوزن أبوالفتوح مشروعية التفكير فى مسيرته من جديد على نفس أرضية الذين سبقوه من رموز التيارات السياسية الأخرى بهجرة تنظيماتهم السياسية إلى فضاء آخر.
والمثير فى تتبع هذا الأمر أن القائمين على أمر هذه التنظيمات لا يهتز لهم جفن من هذا النزيف المستمر، لأنهم ببساطة يتعاملون على أنهم أصحاب وجهة النظر المطلقة فى صحتها، ويطرحون مبررات لقناعتهم تتخذ من الديمقراطية ستارا، وينسون أنه بامتلاكهم أموال مؤسساتهم قادرون على توجيها فى المسار الذى يرغبون فيه.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة