لست ممن يعرفون رجل الأعمال نجيب ساويرس، ولم أقابله مرة واحدة، ولا أنا طبعا من أصحاب المال، لكن شيئا ما يجعلنى متعاطفا معه فى قصة صراعه مع «فرانس تليكوم» التى تسعى بكل قوة لشراء موبينيل، وبحكم عملى أتابع تطورات القضية، عسى أن أجد فى السطور ما ينبئ بفوز الرجل فى صراعه.
أنا متأكد أن هناك من سيأخذ هذا التعاطف إلى تأويلات أخرى، لكنى أتحصن بتناقضات معه، فهو لا يحب جمال عبدالناصر وأنا أحبه، ولا يرى عيبا فى العلاقات مع إسرائيل وأنا ضدها على طول الخط، وهو رأسمالى ومع الخصخصة وأنا أرى أن الرأسمالية وفى القلب منها الخصخصة أضرتنا أكثر مما أفادتنا، ومع كل ذلك يبقى فى نظرى نموذجا لرجل أعمال ناجح وله كاريزما خاصة، وأصبح رائدا فى مجاله بعد أن صنع شركة ناجحة بمقاييس الرأسمالية، وأتاحت التوظيف لآلاف الشباب، وفى المسار العام لم نسمع أنه أخذ أرضا وقام بتسقيعها، أو أنه قدم رشاوى لنيل رخصة موبينيل، فهو ذهب مباشرة إلى الدكتور كمال الجنزورى رئيس الوزراء، وعرض عليه شراء رخصة ثانية للمحمول، بعد أن ذهبت الأولى إلى غيره. فوافق الجنزورى، وبعد ذلك انصب اهتمامه على بناء قلاع رأسمالية بمعايير الرأسمالية، وفى ذلك فليتصارع المتصارعون، ولينتقد المنتقدون، وليكن الحكم للسوق.
ربما يكون تعاطفى نابعا من معنى إنسانى بسيط لا تعرفه الرأسمالية، وهو أن الرجل حلم بتكوين شركة عملاقة، وسهر من أجل تحقيق حلمه، وها هو الآن يواجه احتمال تبخره من بين يديه، وبوصفى فلاحا يعرف مأساة فقدان الأرض حتى لو كان ثمنها ملايين، أشعر أكثر بحرص من يحاربون من أجل الحفاظ على أملاكهم، خاصة تلك التى بذلوا الجهد والعرق فى تكوينها.
هل هناك أسباب أخرى للتعاطف؟ نعم ومنها أن ساويرس اقترب من نهج رأسماليى الغرب فى توظيف حصة من أموالهم لصالح الخدمة العامة، فأسس جائزة أدبية ناجحة ترعى مجالات شتى فى صنوف الإبداع، ويقوم بالتحكيم فيها أدباء ومفكرون من اليسار واليمين، ويفوز بها أيضا مبدعون يساريون، وقال ذات مرة إنه ينتظر اليوم الذى يتفرغ فيه لتسخير جزء كبير من أمواله فى المشروعات الخيرية، وإنه سيبدأ بإعادة بناء القرية التى تنحدر منها عائلته فى محافظة سوهاج.
لكل هذه الأسباب فإن مشاعرى فى معركة الحفاظ على موبينيل، مشاعر خالية من دسم الأيديولوجيا.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة