حتى أكون أميناً معك.. دعنى اعترف لك أولاً بانحيازى للوزير السابق محمد منصور، واعذرنى إن قلت لك أن فرحك باستقالته لم يكن فى محله، لأن الرجل كان واحداً من أفضل وزراء حكومة نظيف وعياً وجهداً وتخطيطاً وإخلاصاً وعملاً للمستقبل، وكان من المؤسف أن تخسره وزارة النقل لمجرد أن رغبات الدولة والمواطنين التقت لأول مرةا حينما شعروا فى وقت واحد أنهم فى حاجة إلى تقليد الأجانبا والحصول على استقالة وزير عقب كارثة ما.. ففعلت الدولة ذلك حتى تمتص غضب الناس وتضحك عليهم كالعادة.. وفعل الناس ذلك حتى يشعروا ولو للحظة واحدة أنهم أجبروا وزيرا على الاستقالة دون أن يعرفوا إذا كان الرجل يستحق التضحية به أم لا؟!.
عموما انحيازى للوزير محمد منصور لا يعنى أبداً أن أغفل عن ما يمكن استخلاصه من تجربة استقالته، وعدم توفير بديل مناسب له رغم مرور حوالى 60 يوما على رحيله من الوزارة، وبدون تفاصيل وبشكل مباشر فإن الدرس المستفاد من الستين يوما الماضية، هو أن السادة الوزراء ومعهم رئيسهم الدكتور أحمد نظيف، مجرد صفر على شمال الحياة السياسية المصرية، مجموعة موظفين فاشلين إن ملأوا كل بيانات إعلانات الوظائف المبوبة، لن يقبل بهم أى أحد حتى ولو بعقود مؤقتة، حوالى 30 «مفتكس» أو أكثر يحصلون على رواتبهم الخيالية من أموال الشعب الصابر دون أن يدفعوا مقابلها نقطة عرق واحدة ذات فائدة أو حتى ذات رائحة، يتعايش كل واحد فيهم مع جاه المنصب دون أن يكون لهم أى تأثير، حتى أن العدسات المكبرة نفسها لا يمكن أن تكشف لك فارقا بين وجودهم وعدمه.
هاهى القطارات تسير على قضبانها منذ 60 يوماً بلا وزير يوجهها أو يهدئ سرعتها، وحوادث الطرق تحدث وفق معدلها الطبيعى دون وجود وزير ينظم الإشارات أو يصلح الطرق، والعمل فى وزارة النقل يسير بشكل هادئ، دون خناقات على منصب أو اكتشاف حالة فساد أو رشوة، والصحف والفضائيات كفت يدها وأقلامها وكاميراتها عن الوزارة، لأن الوزير الذى كانت تصطاده وتبتزه، لم يعد موجوداً.. هذه هى خلاصة مايحدث فى وزارة النقل، وهى وزارة بلا وزير، فلماذا لا نعمم المسألة وتصبح كل وزاراتنا بلا وزراء؟.
مالحاجة إذن لوزير يأتى ليصدعنا بتصريحات ووعود لا تتحقق، وماالحاجة لمجلس وزراء ورئيس وزراء يفشلون مراراً وتكراراً فى خفض الأسعار وحل مشاكل المواطنين، أليس فى تعميم الوضع داخل وزارة النقل على كافة الوزارت راحة لمصر كلها؟، مالذى سيحدث فى البلد إذا جلس حاتم الجبلى وبطرس غالى و هانى هلال فى منازلهم، واختفى أحمد درويش وعثمان محمد عثمان ويسرى الجمل ومحمد نصر علام وبقية أصحابهم من على خريطة الحياة السياسية تماما؟، ألن يوفر ذلك لخزينة الدولة مالا، ويحمى شعب هذه الدولة من أمراض السكر وضغط الدم والأزمات القلبية؟، ألن يساهم ذلك فى تحسين حالة المرور بعد أن يختفى هؤلاء بمواكبهم وسياراتهم، ألن يرضى الله عن مصر بعد أن يخفض مستوى الكذب والفساد والفشخرة برحيلهم؟ أليس فى الاعتراف بأن هذا البلد يسير وفق إشارات رجل واحد فقط هو الرئيس مبارك راحة لنا جميعا، بدلاً من شغل صحفنا وعقولنا وفضائياتنا بتحركات وتصريحات مجموعة من الكومبارس؟.. اسأل نفسك ومليون واحد غيرك، وستجد كل إجابات هذه الأسئلة بنعم.. مع تأكيد شديد على أن الله لن يصلح حال هذا البلد إلا برحيل هؤلاء الذين يلقون على أسماعنا كل صباح كذبة، ومن قبلهم كبيرهم الذى يحركهم بالإشارة..
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة