اعتدنا أن تتزايد الشبورة فى الصيف، بسبب الحر والرطوبة، وأن تأتى السحابة السوداء فى نهاية الصيف وبداية الشتاء، لكن الأحوال انقلبت وأصبحنا نرى السحابة السوداء فى كل وقت، خاصة فى القاهرة. وبالأمس وحتى صباح اليوم الأحد حاصرتنا سحابة مائية أحالت النهار إلى ليل والليل إلى ليل بهيم، وبتنا فى حالة من الحيرة، التفسير السريع كان أنها سحابة مائية، أو شبورة، لكن بعض المصادر أعلنت أنها سحابة مائية ملوثة بالغبار. ومن الصعب فى مصر أن تعرف الحقيقة تماما فى مثل هذه الأحوال، لسببين أن بعض الجهات تعتبر إعلان الحقيقة أمر لا يليق، وأن عليها بوصفها مطلعة أن تحير الناس، الأمر الثانى هو رغبة بعض المتخصصين أو غير المتخصصين فى إعلان تفسيرات وفتاوى بلا سند أو تبرير.
لكن حسنا فعلت وزارة الداخلية أن عقدت غرفة عمليات وأعلنت من خلال التلفزيون، أن طرقا كثيرة مغلقة، وحذرت الناس من السير على الطرق الزراعية أو الصحراوية. لكن نخشى ألا نتمكن من معرفة السبب، مثلما عجزنا عن معرفة أسباب السحابة السوداء، التى أصبحت جزءاً من معالم مصر السياحية.
وقد عجزت كل الأجهزة العلمية والمعملية والأمنية فى مصر عن تفسير واضح للسحابة السوداء، التى تظهر مع الخريف وتستمر عدة أسابيع، ومنذ ظهرت قبل عشر سنوات اختلفت حولها التفسيرات، فمن قائل أنها بسبب قش الأرز المحروق، ومن قائل أنها بسبب التلوث العمومى الذى ينتظر قش الأرز ليظهر، لكن المؤكد أن الطقس فى مصر تغير كثيراً، ولم يعد مناخ مصر "حارا جافا صيفا دفىء ممطرا شتاء"، كما قالت لنا كتب الجغرافيا زمان، بل أصبح مناخنا حارا رطبا صيفا دفىء ملوثا شتاء، مع بعض البرودة، ويفترض أن يتضمن منهج الجغرافيا ما جد على مناخنا.
لقد تغير المناخ فى العالم كله، بفعل الحروب والتفجيرات النووية، واعتداء الإنسان على الأخضر واليابس، وتجفيف المياه وتبخير الأملاح، وقد شهدت منطقتنا العربية عدة حروب استخدمت فيها أسلحة فتاكة بعضها كان يجرب لأول مرة، وهناك حديث عن قنابل نووية محدودة، أو يورانيوم منضب فى حرب أمريكا على العراق فى المرة الأولى والثانية، فضلا عن حرب أفغانستان، وحروب إسرائيل العدوانية على الفلسطينيين، والتى تستخدم فيها أسلحة محرمة وسامة، فضلاً عن مفاعل ديمونة النووى فى صحراء النقب، وهو مفاعل عجوز ويشكل خطراً على المنطقة كلها.
يعنى إننا تعرضنا ومازلنا لعوامل تكفى لصنع سحابات سوداء عموما، يضاف إليها هذه الكمية من التلوث العشوائى فى مصر، والتى تكفى لتلويث منطقة.
ولهذا لا يكون غريبا أن تشتد الحرارة فى الشتاء، أو تمطر فى الصيف، أو تظهر الشبورة بشكل مفاجئ، دون أن تسبقها تحذيرات أو توقعات. ربما لاننا اعتدنا أن نشير عكس توقعات الأرصاد الجوية.
لكن للحق فإن كثيراً من توقعات الأرصاد الجوية الحالية أصبحت أكثر دقة من زمان، ربما لأن الحسابات تتم بالأقمار الصناعية وفى العالم كله، ويمكن أن يعرف المواطن أحوال الجو لمدة أسبوع من على مواقع الإنترنت.
ولا نعرف إن كنا سنعرف تفسيراً لما جرى اليوم، من سحابة أو شبورة، أم سنكتفى بالاستماع إلى تفسيرات من عينة "تكثف مائى بسبب اقتراب الرطوبة من حواف أرياح الموسمية، بسبب ارتفاع درجات الحرارة، مع برودة مركزة تأتى فى مثل هذا الوقت من العام"، أو نضيف ما حدث إلى سجلات السحابة السوداء.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة