تحولت المؤتمرات الصحفية إلى مرتع للمهاترات بعد أن كانت دائما مكانا للأزياء الجميلة والطقوس الرفيعة والحضور المحترم والآداب الاجتماعية والتقاليد التاريخية
عرف الإخوة فى اتحاد الكرة أننا سنعمل تكتلا ضدهم فى الجمعية العمومية للاتحاد فألغوها أو أجلوها
خوف الجرذان
هذه هى كلمات ممدوح عباس رئيس مجلس إدارة نادى الزمالك لوصف قرار اتحاد الكرة بإلغاء أو تأجيل اجتماع الجمعية العمومية لاتحاد الكرة والتى كان مقررا عقدها يوم 29 ديسمبر 2009.
كلمات تصف رئيس وأعضاء مجلس إدارة الاتحاد بالجرذان أو الفئران.. وهو هجوم بالغ العنف وقد يراه الكثيرون مندرجا تحت إطار السب والقذف الذى يحقر من شأن المسئولين فى اتحاد الكرة ويستوجب عقوبات عنيفة ضد ممدوح عباس.
ولم يقف الأخير عند ذلك الحد فى المؤتمر الصحفى الذى عقده ظهر الجمعة الماضى فى مقر نادى الزمالك، وبحضور كل زملائه من أعضاء المجلس، وجمع ضخم من الإعلاميين، وحشد أكبر من أعضاء وجماهير الكرة أنصار الزمالك.. ولكنه تمادى واصفا الأسلوب الذى يدار به اتحاد كرة القدم فى مصر بالفجر، وكررها مرة أخرى فى مقطع آخر.. وما أكثر الكلمات القاسية التى رددها فى حق عدد من أعضاء مجلس إدارة الاتحاد، متهما بعضهم فى ذمته المالية، ومشيرا إلى حصوله على أموال من الاتحاد.
وتوعد ممدوح عباس المسئولين فى اتحاد الكرة بملاحقتهم على كل الأصعدة محليا ودوليا، مستخدما كل الوسائل والطرق المشروعة مع تلميحات باستغلال نفوذ ناديه الإعلامية والجماهيرية والسياسية للحصول على حقوق ناديه الضائعة، على حد قوله.
مؤتمر صحفى رياضى أساسا.. ولكنه خرج تماما عن كل قواعد الرياضة إلى مناح اجتماعية وأمنية وسياسية ومالية، وتجاوزها أيضا إلى إشارات إلى مؤامرات منظمة ضد الزمالك، وتأكيدات على عمق تلك المؤامرات وامتداد جذورها إلى الماضى لأكثر من 60 عاما، لحرمان النادى من الألقاب والبطولات.
وفى اليوم التالى جاء الرد هادئا خائفا مترددا من سمير زاهر رئيس مجلس إدارة اتحاد كرة القدم فى مؤتمر صحفى فى مقر الاتحاد وبحضور إعلامى أقل عددا وتأثيرا.. واستخدم زاهر نبرة أخف فى حدتها، وكلمات أقل جدا فى عنفها، مع إشارات دائمة إلى أهمية التهدئة والتقارب والاحتكام إلى اللوائح والجهات الرسمية.. واكتفى برفض الكلمات الجارحة التى وجهها عباس إليه وإلى زملائه، وأكد أن الاتحاد سيرفع مذكرة إلى المهندس حسن صقر رئيس المجلس القومى للرياضة ضد عباس لتوقيع العقوبات المناسبة عليه.. وأضاف زاهر ساخرا من اتهامات عباس المالية لعضو الاتحاد بالحصول على أموال بغير حق أن المبالغ الصغيرة التى يدعيها عباس، مثل 10 آلاف أو 20 ألفا لا تهز ولا تهم أى عضو فى الاتحاد، لأنهم جميعا أكبر من ذلك.
إلى هنا وتنتهى قصة المؤتمرين الصحفيين اللذين خرجا بنا عن كل أطر الرياضة وسموها ونبلها وأهدافها.
وهكذا تحولت المؤتمرات الصحفية إلى مرتع للمهاترات بعد أن كانت دائما مكانا للأزياء الجميلة والطقوس الرفيعة والحضور المحترم والآداب الاجتماعية والتقاليد التاريخية.. وامتدت سلوكيات الحوار المؤسفة المنتشرة على البرامج فى القنوات والبرامج الرياضية فى الفضائيات إلى المؤتمرات الصحفية ولوثتها.
وبالطبع وجد ممدوح عباس من يهتف له من أنصاره بكل قوة، وهو يصف المسئولين فى مجلس إدارة اتحاد الكرة بالجرذان.. وارتفع الصراخ والهتاف عندما وصف سياستهم بالفجور.. وكم كانت الفرحة عارمة، وهو يؤكد أن الزمالك خسر 20 بطولة فى 21 عاما بسبب مؤامرات ضد ناديه من اتحادات الكرة المتعاقبة.
والمؤكد أن الاعلام المؤيد للزمالك سيجد الفرصة لتمجيد عباس والإشادة بما قاله وتثمين افكاره.. وسيعبر الجميع كلماته الجارحة مثل الجرذان والفجر.
والآن من هو المسئول فى هذه البلد عن محاسبة عباس على عباراته الجارحة وعن خروجه عن كل الأطر الرياضية وإلقاء الاتهامات كالحجارة على المسئولين فى اتحاد الكرة، وعن تلويث سمعة العشرات من الرجال الراحلين من مجالس اتحاد الكرة السابقة؟
ومن هو المسئول الذى يتلقى الاتهامات التى وجهها عباس إلى اتحاد الكرة لبدء عمليات الحساب للتأكد من صحة أو كذب تلك الاتهامات واحالة المخطئين أو المتورطين إلى دائرة الحساب؟
لو قال عباس تلك الكلمات أو الاتهامات فى أى دولة ديمقراطية فى العالم لتحولت كلماته على الفور إلى جانبين.
اولهما ما وجهه من كلمات منافية للاداب ضد مسئولى اتحاد الكرة.. ويبدأ فورا التحقيق معه ومعاقبته إداريا بإيقافه عن عمله كرئيس للنادى وتوقيع غرامات مالية قاسية ضده، مع إنذاره بعقوبات أشد إذا تكرر الأمر.. وقد يسفر التحقيق عن استبعاده النهائى من مكانه أو حرمانه من العمل الرياضى نهائيا.
وثانيهما دراسة كل اتهام وجهه عباس إلى اتحاد الكرة سواء على صعيد التآمر ضد الزمالك، أو قيام أحد الأعضاء بسب نادى الزمالك والتدخل لإيقاع الضرر به.. وكذلك الاتهامات المالية الخاصة بالعضو المتهم.. وإذا ثبتت تلك الاتهامات فلا رحمة على الإطلاق بأى شخص يتآمر أو يتلاعب بقرارات الاتحاد، أو يظلم أى ناد، أو يتربح من الاتحاد بشكل غير قانونى.. وتنتهى التحقيقات بإحالة المسئولين عن الفساد إلى التحقيق وإجبارهم على الاستقالة، تمهيدا لعقوبات أكبر قد تصل إلى حد السجن للمتورطين ماليا. ولكننا فى بلد غير ديمقراطى. والحوار الهابط انتقل من الفضائيات إلى المؤتمرات.
ولله فى خلقه شئون.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة