أكرم القصاص

البرادعى.. بعيدا عن عشوائية سياسية مزمنة

الخميس، 03 ديسمبر 2009 12:02 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ربما لا يكون الدكتور محمد البرادعى نفسه راغبا فى دخول معترك السياسة، ربما لا يسمح البناء الدستورى والحزبى لرجل مثله أن يترشح، لكن من الممكن أن تستفيد مصر من خبرات رجل مثل البرادعى. بعيدا عن عالم السياسة البائسة. سواء فى أحزاب وتيارات ضعيفة وعشوائية أو داخل النظام نفسه.

منذ أسابيع تم طرح الدكتور محمد البرادعى للترشيح لرئاسة الجمهورية، وهو ترشيح خرج من بعض الصحف، والتقطته بعض الأحزاب الصغيرة والمجهولة، فحولت الفكرة إلى نكتة. بعض الأحزاب الصغيرة والمجهولة أمسكت بالفكرة على طريقة" هبلة ومسكوها طبلة"، ووجدنا هذه الأحزاب التى لم يسمع بها أحد وليس لديها إمكانيات سياسية أو جماهيرية أو كوادر تتحدث عن رئاسة الجمهورية، وهى غير قادرة على اختيار رئيس لها. واعتادت أن تمارس السياسة من غرف أو مقاهى، عن طريق إصدار بيانات وإرسالها للإعلام. ومنها الحزب الدستورى الذى تلقى قصة ترشيح البرادعى، وأمسك بها، واعتاد أن يصحو من النوم ليصدر بيانا بشأنها.

الحزب نفسه غير معروف لدى الجمهور. وليست له أية أنشطة عامة، ونجده يتحدث عن الترشيح لرئاسة الجهورية وهو لايستطيع الترشيح لجمعية أو اتحاد ملاك، وهذا جزء من بؤس السياسة عندنا، وبدلا من التنطع والتمسح فى البرادعى أو غيره من الشخصيات العالمية والخبراء، الأجدى أن تنصرف الأحزاب إلى عمل سياسى لا تمارسه، وألا تحاول إخفاء خيبتها بالتمسح فى موضوع الرئاسة، بينما هى عاجزة عن ترشيح أعضاء مجالس محلية.

هذه الحمى التى انطلقت فى بعض أركان الفيس بوك أو من الأحزاب هى حملات محدودة وتدور بين أشخاص يخاطبون بعضهم، فيتخيلون أنهم قيادات، وحملاتهم ليس لها انعكاس كبير خارج الإعلام والفيس بوك، ولا علاقة لها بالمجتمع، وتبدو فى كثير من الأحيان دعوات سطحية وساذجة. وتحيطها مبالغات كبيرة.

وقد رأينا أحد أعضاء الحزب الدستورى يعلن بكل ثقة أن الدكتور البرادعى تلقى 500 ألف إيميل تطالبه بالترشح، والحقيقة أن الرقم مبالغ فيه وغير صحيح ومضروب، لأن اجتماعا مثل هذا العدد يعنى توفر إرادة يمكنها إحداث تأثير، وهل يريد الحزب إيهام الناس أن لديه عدة عشرات أو مئات من الأعضاء، بينما لا أحد يعرفه؟

المشكلة أن تلك الأحزاب تحاول التمسح وتبالغ دون وعى وليس لديها تصورات لإصلاح سياسى أو عمل سياسى، ولم تتقدم بأى تعديلات أو مشروعات أو تصورات، وأغلب هذه الأفكار تدور فى غرف صغيرة وعلى امقاهى ويتم ترتيبها بالتليفونات.

الخوف أن تتسبب تلك الحملات فى إصابة البرادعى بالملل مما يدفعه للابتعاد، أو أن تعتبر بعض الجهات داخل الحكم أن البرادعى منافس فتستبعده من إمكانية أن يتم الاستفادة بخبرته لخدمة البلد، خاصة وأن البرادعى بعد سنوات من العمل الدبلوماسى والدولى يفترض أنه يحمل خبرة كبيرة يمكن توظيفها.

وإذا كنا نتحدث عن مؤسسة الرئاسة أو الحكومة، فلاشك أن دعوة البرادعى للمساهمة فى العمل العام أمر تحتاجه مصر، والأفضل الاستفادة بخبرات الرجل وهى ساخنة، سواء البرادعى أو غيره من العلماء والخبراء الدوليين، فهؤلاء ثروة يفترض أن تنتبه لها الدولة وتحاول الاستفادة منها.

ونتوقع أن تنتهى زوبعة ترشح البرادعى للرئاسة، لكن هذا لا يمنع أن يحاول بعض من يزعمون اهتمامهم بالشأن العام، أن يدعوه للمشاركة بخبراته وعلمه فى أنشطة وهيئات ومؤسسات تتطلب خبرات وعلاقات الرجل.

كما يمكن للدولة أن تستغل علاقات الرجل الدولية وخبراته فى فتح قنوات أو علاقات ومعالجة قضايا، ولاشك أن هذا يتطلب وعيا أظن أنه غير متوفر لدى قطاعات سواء فى الأحزاب الصغيرة، أو حتى الحزب الحاكم الذى ربما يتحرك بعض قياداته ليناصبوا البرادعى العداء ويحرموا البلد من خبرة مهمة، يمكن أن تضيف إلى السياسة.
وإذا كان البعض يأخذ على البرادعى عدم خبرته السياسية أو درايته بها، فمن الممكن أن نوظف خبراته الدبلوماسية فى الكثير من المجالات. ونتمنى ألا تفوت حالة البؤس السياسى الفرصة فى استغلال خبرات مهمة مثل الدكتور البرادعى.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة