ربما يتصور البعض أن شتائم وزير المالية يوسف بطرس غالى لأصحاب أبراج الهجانة، وشتائمه التى اعتاد إطلاقها فى مناسبات عديدة استثناء، من قاعدة المؤدبين فى الحكومة أو الحزب الوطنى، لكن الحقيقة أنه يعبر عما يجول فى خاطر الحكومة وقلبها، فالحكومة التى تبدى أدباً للمواطن، وترى رئيس الوزراء وهم يتخذون أفظع القرارات التى تضر بالمواطن، كما أن الحزب الوطنى، يضحك على المواطن، بينما يزور الانتخابات، أو يقلب السياسات، ويتاجر فى الأراضى والسياسات، لكن الفرق أنهم يفعلون ذلك بأدب، بينما غالى يسب الدين للمواطن، أو يشتم موظفى الضرائب العقارية، ويدعو الناس ليعملوها فى القصرية، أو يفعلوها على روحهم، حتى لا يدفعون ضرائب.
شتائم غالى تعبر عن مجمل طريقة نظر الحكومة للمواطن، فهى تراه فعلاً ابن "..." أو تنظر له باسمة مثلما ينظر رجل لطفل شقى من أطفال الجيران رزعه بالكرة فى قفاه، فإذا هو يرى أهله فيملس على رأسه ولسان حاله يضربه بالشلوت، وإذا كان غالى يبتسم وهو يشتم، فهو أيضاً يشتم وهو يبتسم، ومعه حكومة وحزب لا يكفون عن سب المواطن، والدعوة عليه، بأن يأخذه ربنا.
ولا نظن أن أحداً لام غالى فى الحكومة أو الحزب، ولا نعتقد أنهم عاتبوه، بل ربما صفقوا له وهم يقولون "برافو عليك.. ينصر دينك.. اديهم ولاد الشعب، اللى مطلعين عنينا".
لا أحد لام غالى، أو عنفه، لأن الشتيمة هى حالهم، الفرق أنهم يشتمون بالقرارات والسياسات المعادية، بينما غالى يجمع بين الشتيمة الخام، والشتيمة الرسمية، والحكومة عندما ترفع الأسعار أو تفرض ضرائب على الفقراء ترى أنهم كائنات مزعجة ومثيرة للضوضاء ومسببة للتلوث السمعى والبصرى، وعندما ترفض علاجه فهى تدعو عليه أن يموت حتى لو كانت تبتسم، ثم أن الشتائم وأن كانت لا تلتصق بالمشتوم، فإن الحكومة تفعل ما هو أكثر من الشتائم، عندما تتعامل مع المواطن كخصم، يستحق أن تطلع عينيه.
غالى الذى كان يحاول طوال الوقت إقناع المواطنين بأن الضريبة العقارية تؤخذ من الأغنياء فقط، وطبل وراءه أحمد عز، لو كانوا يتحدثون عن العدالة فعلاً لكانوا انتبهوا إلى قانون منع الاحتكار، الذى عطلوه وقتلوه، فى أكبر شتيمة توجه للنظام الاقتصادى، وطبعاً لم يكن الدكتور يوسف الاقتصادى العالمى والعقلية الاقتصادية المعملية الفذة، قادراً على توجيه أى كلام لرئيس لجنة الخطة الذى يسانده ويدافع عن شتائمه.
الحكومة هى التى تشتم المواطن طوال الوقت عندما تتجاهله وتصنع له المطبات وتأخذ من الفقراء والموظفين ضرائب مباشرة وتترك كبار الحيتان وحتى ضرائب مبيعات يدفعها المستهلك.
الحكومة تشتم المواطن صباح مساء، والحزب الوطنى يلعن سنسفيل جدود المواطن، حتى لو كان يتحدث عنه ويداعبه بشعارات "من أجلك أنت" و"علشانك يا مواطنى يا حبيبى"، فكل هذا الهجص هو للاستهلاك المحلى الإعلامى، ولا يراهن أحد على أن يحاسب يوسف بطرس على شتائمه السابقة أو الحالية أو القادمة، لأنه فى الواقع يعبر عن حكومة تشتم المواطن وهى تبتسم، وتقول له: عليك واحد.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة