احتار المرء فى أمر هذا اللقب السحرى الذى يسمعه خلال الفترة الأخيرة عشرات المرات يومياً... "لقب شهيد" هذا اللقب السحرى الذى جعل الغوغاء والدهماء يتسابقون لنيل سبق الفوز بالحور البكر! والجنة المزعومة! ومن العجيب أن لقب الشهيد نسمعه يومياً من المتأسلمين يلقبون به المجرمين والسفاحين وسافكى الدماء من أبناء أوطانهم المتفقين لدينهم أو المخالفين لمذهبهم، ويقسمون بالله وبعرشه أن هؤلاء القتلة السفاحين وسافكى الدماء هم شهداء.. معتقدين أن الله جل جلاله يسير على هواهم ويتبع خطاهم.
شهداء هذه الأيام السوداء هم مفجرو الطائرات والقطارات فى لندن وبالى ومدريد، ونيويورك، وقاتلو الأطفال فى بيسلان، ومفجرو العراقيين فى بغداد هم شهداء والمجرمون ضد أوطانهم وشعوبهم شهداء.. ومفجرو أنفسهم فى الأسواق شهداء.. وأصبحت كلمة شهيد حينما يسمعها المرء يصاب بالشك والريبة تجاه أفعال هذا الشهيد ويتساءل كم من الأفراد اغتالهم هذا الشهيد؟! وبأى وسيلة؟! ومن قتل؟! وكم عمر الشهيد؟! وما هو جنسه ذكر أم أنثى؟! فانتشار وشيوع لقب الشهيد يرجع لجيش جرار من شيوخ التطرف... يمنحون لقب شهيد للشباب، والفتيات، بعد شحنهم أيديولوجياً بفكرهم المتطرف الكاره للآخر أو إغوائهم بالجنة المزعومة وما بها من ملذات، وأبكار، وغلمان تروى الشبق لدى البعض وتحبب للحياة الأخرى هروباً من ظلام الجهل والتخلف الذى يعيشون فيه فى الوقت الحاضر.
فلو عاد جوبلز "وزير إعلام هتلر" لتتلمذ من جديد على أيدى مشايخ التكفيريين لقدرتهم الفائقة على غسيل أذهان العديد من شباب وشابات العربان بإعطائهم صكوك الشهادة. كذلك أصبحت كلمة شهيد عند سماعها تصيب المرء بالريبة ربما لالتصاقها بقاتل أو لص أو سفاح لبنى وطنه. أو حاكم طاغية مثل صدام حسين أو سافك دم مثل أبومصعب الزرقاوى السنى أو الشيعى أو معتوه أٌستخِدم من قبل جماعات الإسلام السياسى! لذا فلقب الشهيد فقد رونقه وسموه عند سماعها من أو عن المتأسلمين.
ولكن ستظل كلمة شهيد محتفظة بجمالها وسموها حينما نتذكر شهداءنا فى الكشح "شهداء الأقباط" الذين سفكت دماؤهم ليس لكونهم قتلة أو مفجرى قطارات أو طائرات أو سفاحين لبنى أوطانهم بل لكونهم مسيحيين... أرادوا الاحتفاظ بإيمانهم فى دولة ضاع فيها العدل واستباح التطرف دماء وشرف الآخر المخالف فى الدين، فشهداؤنا فى الكشح خير مثال لكلمة شهيد قدموا ذواتهم محرقات حية على مذبح الحب الإلهى متمسكين بإيمانهم إلى النفس الأخير.
وأمثال هؤلاء:
1- عادل غطاس فهمى مواليد 12/7/1977 أعزب له خمسة أخوة، وهو شماس بكنيسة الأنبا شنودة بالكشح تناول من الأسرار المقدسة يوم استشهاده 2/1/2000.
2- الطفلة ميسون غطاس فهمى أخت الشهيد عادل تاريخ ميلادها 20/8/1988.
3- جابر سدراك سعيد 85 عاماً استشهد مع ابنه رفعت وزوجته.
4- رفعت زغلول جابر سدراك مواليد 15/7/1973 عامل زراعة أكبر أخوته.
5- حليم فهمى مقار تاريخ ميلاده 1/2/1939 استشهد بالإضافة لأبنائه الثلاثة زكريا وأشرف والأمير.
6- زكريا حليم فهمى تاريخ ميلاده 25/11/1971 متزوج ترك ثلاثة أبناء وابنة واحدة.
7- أشرف حليم فهمى مواليد 1987 أعزب.
8- الأمير حليم فهمى مواليد 9/1/1985.
9- تادرس لوندى تادرس تاريخ ميلاده مايو 1924 لدية ثلاثة أبناء منهم الشهيد ناصر الذى اغتالته يد الحقد والكراهية باسم الدين!
10- ناصر تادرس لوندى تاريخ ميلاده 12/12/1974 حاصل على دبلوم تجارة سنه 1994.
11- مهران لبيب شنوه تاريخ ميلاده 12/3/1956 متزوج وله خمسة أبناء المهنة سائق.
12- الشهيدة بونة القمص جبرائيل عبد المسيح السن 50 عاماً ربة بيت لها أربع بنات وولدين إحدى بناتها مريم أصيبت فى الحادث.
13- ممدوح نصحى صادق مواليد 8/8/1968 متزوج وله ثلاثة أبناء حاصل على دبلوم تجارة.
14- عاطف عزت زكى السن 24 عاماً تزوج قبل الوفاة مباشرة.
15- عبد المسيح محروس إسكندر مواليد 22/5/1945 متزوج له ابن وابنة استشهدت.
16- سامية عبد المسيح محروس السن 21 عاما استشهدت مع أبيها.
17- وائل الضبع ميخائيل مواليد 2/8/1983 طالب دبلوم صنايع.
18- عمدان ظريف قديس مواليد 12/12/1975 حاصل على دبلوم، وموظف بالوحدة الصحية بالكشح أبيه ظريف قديس ضرير فاقد البصر ولا يعمل.
19- معوض شنودة معوض السن 50 سنة متزوج ولديه أربعة أولاد.
20- جرجس حنا مواليد 4/7/1949 متزوج له 10 أبناء.
21- رفعت فايز عوض فهمى مواليد 1/9/1985 فى المرحلة الإعدادية.
هؤلاء هم شهداؤنا فى الكشح منهم الشماس الخارج لتوه من الكنيسة بعد نواله الأسرار المقدسة فعذبوه لينكر المسيح فرفض فنال إكليل الشهادة، ومنهم من تلقى طلقات الرصاص فى الحقل لينال الشهادة، ومنهم ذلك الفتى الذى أنزلوه من السيارة لينكر إيمانه فرفض فمزقوا جسده الطاهر وإمعاناً فى تعذيبه ساروا بالسيارة على جسده للتمثيل بالجثة، ومنهم من أحرقوه فى حقله!!! لتتحول أجسادهم الطاهرة لجزيئات من الرماد تختلط بأرضهم التى طالما افترشوها وهم أحياء وذابت فيها أجسادهم وهم أموات، فمنهم الطفلة ميسون ذات الإحدى عشرة سنةً، والطفل رفعت فايز ذو الخمسة عشر عاماً، ومنهم الطاعن فى السن جابر سدراك 85 عاماً، ومنهم الشباب مثل أشرف حليم، وزكريا حليم، ومنهم عروس السماء سامية عبد المسيح محروس، هؤلاء الشهداء لم يقتلوا أحدا ولم يفجروا أنفسهم فى الآخرين بل استشهدوا ليحتفظوا بإيمانهم برب المجد يسوع.
إن دماء شهدائنا فى الكشح ستظل شاهداَ على مدى الظلم والإجحاف وغياب العدل والعدالة، فبدون الحكم على القتلة المجرمين ستظل دماؤهم شاهدة على غياب العدل والمساواة وسنتذكرهم دائماً لأنهم شهادة حية للعالم على الظلم والتطرف فهنيئا لكم فردوس النعيم وصلوا من أجلنا أمام العرش الإلهى.
أخيراَ: شهداء الأقباط يترنمون ويسبحون أمام العرش الإلهى، أما شهداء المتأسلمين لهم حور العين ذات البكورية الدائمة، أما نحن الأحياء المختلفين فى الدين أو المذهب أو العقيدة سنظل أهدافا أو وسيلة لهؤلاء الإسلاميين ليدخلوا الجنة على جثثنا بدون حكم عليهم والذى حدث فى الكشح مثل حى يؤكد ضياع العدل والمساواة.
" لا أعرف خطيئة أعظم من اضطهاد برئ باسم الدين" من أقوال غاندى